للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حامد: إن [ذلك لا يؤثر شيئاً؛ إذ مع الاحتمال لا يخرجها أن تكون ديناً] (١).

ويتضح مما ذكرناه سابقاً أن الملحوظات التي أبديت على وجهة نظر أصحاب الرأي الثاني، غير مقبولة، لأننا بينا الفرق بين الأقوال والأفعال، والفرق بين المجتهدين وصاحب الرسالة- صلى الله عليه وسلم-.

وعلى هذا فإن أخذ مذهب المجتهد من أفعاله، ونسبة ذلك إليه قضية ليست مسلمة، وفيها مجازفة وبعد عن الدقة، وينبغي أن لا يكون ذلك إلا في أضيق الحدود، وعند وجود قرائن تدل على ذلك. كفعله لذلك على جهة التعليم، أو حصول ذلك منه مراراً وتكراراً ينفي احتمال الخطأ والنسيان. والله أعلم.

أمثلة للتخريج عن طريق أفعال الأئمة:

ومما يمثل أفعال الأئمة من فقه الحنابلة، النقول الآتية عن إمام المذهب- رحمه الله-.

١ - اختلف الروايات عن الإمام أحمد- رحمه الله- بشأن حلق الرأس.

فروي عنه أنه مكروه وروي عنه ما يفيد الجواز، وروي عنه التفريق بين ما إذا كان الحلق بالموسى فيكره، وما إذا كان بالمقراض فلا يكره.

وقد أخذ الجواز من أقواله، كما أنه يخرج مما نقل من إقرار وفعل له.

قال حنبل: كنت أنا وأبي نحلق رؤوسنا في حياة أبي عبد الله، فيرانا ونحن نحلق، فلا ينهانا، وكان هو يأخذ رأسه بالجلمين [أي المقراض]، ولا يحفيه، ويأخذه وسطاً (٢).

٢ - ومن ذلك ما روي عنه بشأن صورة تخليل اللحية. قال يعقوب (٣): سألت


(١) تهذيب الأجوبة ص ٤٦.
(٢) المغني ١/ ٨٩.
(٣) لم يتضح لي المراد منه هنا، فهناك أكثر من شخص بهذا الاسم، رووا عن الإمام أحمد- رحمه الله- منهم يعقوب بن إبراهيم الدورقي ويعقوب بن إسحاق بن بختيان، جار أبي عبد الله وصديقه، ومنهم يعقوب بن العباس الهاشمي، وغيرهم.
انظر في أسماء وتراجم من اسمه يعقوب ممن أخذ عن الإمام أحمد: طبقات =

<<  <   >  >>