للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعد صحيحة ومنسوبة إليه، فكذلك تقريرات المجتهدين- وهذا الدليل مستند إلى ما استند إليه القائلون بحجية عمله، وهو قوله- صلى الله عليه وسلم- العلماء ورثة الأنبياء (١).

٢ - إن إنكمار المنكر من الوظائف الأساسية للعلماء، وقد ثابر السلف على ذلك، ولم يبالوا بما يترتب عليه من المضرات. ولهذا فإن المجتهد لا يمكن أن يسكت على ما يفعل أو يقال بحضرته، أو على ما يعلم به، إن كان مما ينكره ولا يرتضيه، فيحمل سكوته على موافقته على ذلك، وبالتالي فإن ذلك يعد رأياً له، وتصح نسبته إليه.

٣ - إن سيرة الصحابة تشهد لمثل هذا الاعتبار، فلم تكن الصحابة تسكت عند المعارضة، على ما تنكره من قول أو فعل، إلا إذا افتقدت الدليل.

وتدل أحكام الوقائع الجزئية المنقولة عنهم على وجود معارضات وإنكارات كثيرة من بعضهم لبعض (٢).

الرأي الثاني: إن سكوت الأئمة وعدم إنكارهم لا يعد تقريراً، لما علموه أو قيل أو فعل في حضرتهم ولم ينكروه، ولا تصح نسبته إليهم؛ ولهذا الرأي ذهب الأكثرون من علماء الحنابلة (٣). وهو مقتضى مذهب الإمام الشافعي الذي نقل عنه أنه [لا ينسب إلى ساكت قول] (٤)، ولرفضه الأخذ بالإجماع السكوت المبني على حمل السكوت على الوفاق. ومما احتج به أصحاب هذا الرأي:

١ - إن السكوت لا يتحتم أن يكون دالاً على الرضا، فهو كما يحتمل الموافقة، يحتمل الرفض، وقد ذكر العلماء طائفة من الاحتمالات التي


(١) الموافقات ٤/ ٢٥١ ولاحظ تخريج الحديث عند ذكر أدلة من قال بصحة نسبة رأي إلى المجتهد بناء على أفعاله.
(٢) تهذيب الأجوبة ص ٥٢ - ٥٥ وانظر في المصدر المذكور طائفة من الوقائع التي حصل فيها الإنكار.
(٣) المصدر السابق ص ٥١.
(٤) المنخول للغزالي ص ٣١٨.

<<  <   >  >>