للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي من هذا القبيل، بعضها يصلح للمجال الذي نحن بصدده (١)، وبعضها لا يفيد ذلك، لأنه يتعلق بموضوع رفض الاحتجاج بالإجماع السكوتي (٢)، ومجال الإجماع كان قبل استقرار المذاهب، والكلام في مسألتنا يتعلق بآراء المتبوعين بعد استقرار المذاهب.

٢ - إن الفقهاء قد يرون غيرهم من المفتين يأتون بعباداتهم من صلاة وغيرها، مما فيه مخالفة لوجهات نظرهم في المسألة، فلا ينكرون عليهم ذلك، ولا يخاصمونهم فيه، وإذا كان الأمر كذلك فلا يصح أن ينسب رأي لمن سكت منهم بناء على ذلك (٣).

تعقيب على الأدلة:

إذا نظرنا إلى أدلة الرأيين السابقين ترجح لنا الرأي الثاني غير المصحح لنسبة رأي إلى الإمام بناء على سكوته. وذلك لما في أدلة الرأي الأول من الوهن. أما دليلهم الأول فهو دليل من قاس أفعال المجتهد على أفعال الرسول- صلى الله عليه وسلم- وقد بينا ما في ذلك من التجاوز في إعطاء غير


(١) كأن لم يتحدد له رأي في المسألة، لأنه في مهلة النظر والبحث عن الأدلة، أو أنه كان قد أبدى رأيه في المسألة في حالة سابقة ولم يجد حاجة لتكرار إظهاره، أو يتصور أن من أفتى أو فعل فعلاً بحضرته لن يجدي معه الإنكار لالتزامه برأي إمام آخر قلده، أو لظنه أن اعتراضه يثير جدلاً ونقاشاً يترتب عليه من المفسدة ما يفوق المصلحة المرادة.
انظر بحث: تحرير المقال للدكتور عياضة السلمي ص ١١٠ من العدد ٧ من مجلة جامعة الإمام ١٤١٣هـ- ١٩٩٢م.
(٢) كأن يكون سكوته لمانع في باطنه لا يمكننا الإطلاع عليه، أو لاعتقاده أن كل مجتهد مصيب، أو لأنه لا يرى الإنكار في الأمور الاجتهادية، أو أنه اجتهد ولكن لم يتبين له رأي، أو أنه علم لو أنه أبدى رأيه لم يلتفت إليه المخالف، أو الخوف من إبداء رأيه، أو لأنه في مهلة النظر، أو لأنه لا يرى المبادرة بالمعارضة لعارض من العوارض فيموت قبل إبداء رأيه، أو يظن أن غيره كفاه، أو غير ذلك.
انظر: كشف الأسرار للبخاري ٣/ ٤٢٨ وشرح مختصر المنتهى للعضد ٢/ ٣٧ وشرح مختصر الروضة ١/ ٨١.
(٣) تهذيب الأجوبة ص ٥١.

<<  <   >  >>