للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ذلك (١)، ونسب إلى أحمد- رحمه الله- رواية أخرى، أنه لا يرى وجوب الترتيب.

وقد ضعف هذا التخريج، بتقوية الرواية الأخرى وتقريرها بالأدلة (٢).

٦ - ومن ذلك ما لو اقتسم الشريكان داراً، فحصل الطريق في نصيب أحدهما، ولم يكن للآخر منفذ يتطرق منه. فقد ذهب أبو الخطاب إلى بطلان القسمة، وبرأيه أخذ ابن قدامة وأبو البركات (٣) ووجه هذا الرأي أن القسمة تقتضي التعديل، والنصيب الذي لا طريق له ذو قيمة قليلة، فلا تتحقق العدالة في القسمة، ولأن من شرط الإجبار على القسمة، أن يكون ما يأخذه كل واحد من الشريكين مما يمكن الانتفاع به، وهذا الشرط غير متحقق في القسمة المذكورة (٤).

وخرج ابن قدامة في المسألة وجهاً آخر، هو تصحيح القسمة، مع الاشتراك في الطريق، وذلك عن طريق القياس على نص الإمام أحمد- رحمه الله- في اشتراكها في مسيل الماء. ففي قوم اقتسموا داراً كانت أربعة أسطح يجري عليها الماء، فلما اقتسموا أراد أحدهم منع جريان ماء الآخر عليه، وقال: هذا شيء قد صار لي. قال أحمد-: إن كان بينهما شرط أنه يرد الماء فله ذلك. فإن لم يكن فليس له منعه (٥).

وكلام أحمد هذا ليس فيه إبطال القسمة، بل تجويزها، مع عدم إعطاء ذي الماء حقاً يمنعه عن غيره. ففي المسألة قياس الطريق على مجرى الماء بجامع انتفاء المنفعة في الأرض، أو نقصانها بمنع الماء أو المرور فيها.


(١) المنهج الأحمد ٢/ ٢٣٨.
(٢) المغني ١/ ١٣٦.
(٣) المغني ٩/ ١٣١، وقواعد ابن رجب ص ٤١٦، والمحرر ٢/ ٢١٨.
(٤) المغني في الموضع السابق.
(٥) المغني في الموضع السابق، والإنصاف ١١/ ٣٦٧.

<<  <   >  >>