للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنصوص في هذه هو المخرج في تلك، والمنصوص في تلك هو المخرج في هذه، فيقال: فيهما قولان بالنقل والتخريج) (١).

وقبل الكلام عن حكم ذلك، نذكر طائفة من الأمثلة المبنية على هذا الأساس، ليتضح بها هذا الموضوع:

١ - فمن ذلك أن الإمام الشافعي- رحمه الله- نص على أن المسافر في آخر الوقت يقصر، ونص في الحائض إذا أدركت أول الوقت، أنه تلزمها الصلاة. فقالت طائفة من علماء الشافعية في كل من المسألتين: قولان بالنقل والتخريج، أحد القولين أنه يلزم بأول الوقت الإتمام على المقيم، قياساً على قوله في الحائض، إذا أدركت أول الوقت.

والثاني لا يلزم بناء على نصه في ذلك. فقد نقل قوله في الحائض إلى المسافر. فجعلوا له في كل من الحالتين قولين: أحدهما بالنص والآخر بالتخريج (٢).

٢ - ومن ذلك ما ورد أن الشافعي- رحمه الله- نص، في الاجتهاد في الأواني، أنه إذا اجتهد فيها، وغلب على ظنه طهارة أحدهما استعمله وأراق الآخر، فإن استعمل ما غلب على ظنه طهارته ولم يرق الثاني، ثم تغير اجتهاده بأن غلب على ظنه عكس الاجتهاد الأول، أي غلب على


(١) مغني المحتاج ١/ ١٢ ونشير هنا إلى أن الطوفي قد ذكر فرقاً بين هذا المصطلح ومصطلح التخريج، وادعى أن التخريج ما كان من القواعد الكلية للإمام أو الشرع أو العقل، وأن النقل والتخريج ما كان من القياس على نص الإمام. ولم أجد فيما اطلعت عليه من كلام العلماء ما يؤيد هذه المقولة، والذي ورد في عباراتهم إطلاق التخريج، على ما كان من القواعد، وعلى ما كان من القياس على نص الإمام، وعلى ما كان من مفهوم كلامه أو أفعاله أو غير ذلك.
(٢) الوسيط للغزالي ٢/ ٧٢٤، فتح العزيز (مع المجموع للنووي) ٤/ ٤٥٩ - ٤٦٠. ونشير هنا إلى أن هناك طريقين عند فقهاء الشافعية، إحداهما ما ذكرناها في المتن من النقل والتخريج، وأخراهما تقرير النصين، مع بيان الفرق بين الحائض والمسافر.
لاحظ: المصدرين السابقين.

<<  <   >  >>