للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي الحالة الأولى- وهي العلم بالتاريخ- ينقل حكم الثانية إلى الأولى في الأقيس، ولا ينقل حكم الأولى إلى الثانية، إلا إذا جعلنا أول قوليه في مسألة واحدة مذهباً له، مع معرفة التاريخ، أو بتعبير آخر أنه لا يجوز إلا إذا جوزنا أن يكون للمجتهد قولان في مسألة واحدة مع معرفة التاريخ، وفي الحالة الثانية- وهي الجهل بالتاريخ- يجوز نقل حكم أقربهما من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو الأثر أو قواعد الإمام وأصوله إلى الأخرى في الأقيس، ولا عكس، إلا إذا جعلنا أول قوليه في مسألة واحدة مذهباً له مع معرفة التاريخ، أي تجويز أن يكون له قولان في مسألة واحدة مع معرفة التاريخ (١).

وجهة نظر ابن حمدان أن المجتهد في حالة قرب الزمن بين المسألتين يتحقق الظن بأنه ذاكر حكم الأولى، حين افتائه بالمسألة الثانية، ولهذا لا يجوز نقل الحكم ولا تخريجه، لأنه لولا ظهور دليل الحكم للمجتهد في المسألة الثانية وظهور فرق له فيها عن نظيرتها، مع ذكره لها ولدليلها، لما أفتى بما أفتى به في المسألة الثانية ولسوى بين المسألتين. أما في حالة بعد الزمن فإنه من المحتمل التسوية بين المسألتين عنده (٢)، كما أنه من المحتمل أن يكون قد نسي فتواه الأولى، فكرر الاجتهاد وتغير رأيه، فتكون فتواه في الثانية رجوعاً عن فتواه الأولى، فلا تجوز نسبتها إليه إلا على القول بجواز نسبة قولين للمجتهد في مسألة واحدة مع معرفة التاريخ (٣).

تعقيب على الآراء والاستدلالات:

بعد عرض ما تقدم من استدلالات لأقوال العلماء في المسألة، وتأملها جيداً، ترجح لنا أن الصواب كان مجانباً لمن جوز النقل والتخريج، لما فيه


(١) صفة الفتوى ص ٨٨ و ٨٩.
(٢) المصدر السابق.
(٣) تحرير المقال للدكتور عياضة السلمي ص ٦٦.

<<  <   >  >>