للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من إيماء أحمد في رواية أبي طالب (١)، وقد سأله عن قطع النخل؟ فقال: لا بأس به لم نسمع في قطع النخل، شيئاً. والحجة في ذلك أن الإمام أحمد أسند الإباحة في قطع النخل، لعدم ورود الشرع بحظره (٢).

فتعقب ابن تيمية (٣) هذا التخريج من هذه الرواية، وبين أن قول الإمام أحمد بعدم البأس لا يعني أخذه بما ذكر. فقد يكون ذلك مأخوذاً من العمومات الشرعية، ويجوز أن يكون مما سكت عنه الشرع فيكون عفواً، ويجوز أن يكون استصحاباً لعدم التحريم، ويجوز أن يكون ذلك راجعاً إلى أن الأصل هو الإباحة العقلية. ثم إن ما جاء في الرواية عن أحمد رحمه الله من إباحة القطع هو من الأحكام المتعلقة بالأفعال، لا المتعلقة بالأعيان (٤).

٣ - ومن هذا القبيل اختلاف علماء الحنفية في مسألة مخاطبة الكفار بالشرائع


(١) هو: أحمد بن حميد أبو طالب المشكاني. صحب الإمام أحمد، وروي عنه مسائل كثيرة. وكان أحمد – رحمه الله- يكرمه ويقدمه كان صالحاً فقيراً صبوراً على الفقر. توفى سنة ٢٤٤هـ. انظر: طبقات الحنابلة ١/ ٣٩.
(٢) التمهيد لأبي الخطاب ٤/ ٢٧٠، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام ص ١٠٧ و١٠٨، والمسودة لابن تيمية ص ٤٧٨ و٤٧٩.
(٣) هو: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام المعروف بابن تيمية الحراني ثم الدمشقي. ولد بحران. وتحول به أبوه إلى دمشق، فظهر نبوغه واشتهر بين العلماء ثم ذهب إلى مصر، فتعصب عليه جماعة من أهلها فسجن مدة ثم نقل إلى الإسكندرية ثم أطلق فعاد إلى دمشق. والشيخ –رحمه الله- من أبرز علماء الحنابلة ومجتهديهم، كان عالماً بالفقه والأصول والحديث والتفسير والعربية وغيرها من العلوم. وكانت وفاته بدمشق سنة ٧٢٨هـ.
من مؤلفاته: مجموعة فتاويه، ومنهاج السنة، وأصول التفسير، ودرء تعارض العقل والنقل والاستقامة وغيرها.
راجع في ترجمته: الدرر الكامنة ١/ ١٦٨، وشذرات الذهب ٦/ ٨٠، والأعلام ١/ ١٤٤، ومعجم المؤلفين ١/ ٢٦١، وهدية العارفين ١/ ١٠٥.
(٤) المسودة ص٤٧٩، والقواعد والفوائد الأصولية ص ١٠٨.

<<  <   >  >>