للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للنص ولحاظه وجه الدلالة فيه، فهو لا يعدو أن يكون مجتهداً في التعرف على مدرك الإمام في الفرع الفقهي موضوع التحليل، وحينئذ فإن احتمال الخطأ في معرفة مدرك الإمام وارد. ومما يدل على ذلك اختلافهم في بعض الأصول المخرجة، واستدراك بعضهم على بعض، مما سبقت الإشارة إلى طائفة منها. وهذا الأمر يضيف خللاً آخر إلى مادة الاستقراء، لأنه يدخل فيها - في حالة الخطأ - ما ليس منها.

وفي كثير من الأحيان لا نجد في مراجع المذاهب ما يؤيد تخريج مثل تلك الأصول أو القواعد للأئمة. فقد لا تكون مرادة لهم، ولعلهم كانوا يوجهون آراءهم بعلل وأسباب أخر. ومن ذلك مثلاً ما خرجه السمرقندي (١) في تأسيس النظائر من أصول وقواعد للأئمة، فإن كثيراً منها يمكن مناقشته فيها.

وعند الرجوع إلى المصادر الفقهية المشهورة في المذهب بشأن الفروع المندرجة في الأصول المذكورة لا نجد تعليل الكثير منها بالأصل الذي ذكره. بل إن الفقهاء يذكرون عللاً وأسباباً أخرى غير تلك الأصول.

وتأسيساً على ما تقدم فن نسبة الأصول والقواعد إلى الأئمة يحتاج إلى مزيد من البحث والتأمل، وتتبع ما نقل عنهم من تراث فقهي، أو أصولي، أو غير ذلك، والتعرف على الطريق الذي أتبع في تخريج الآراء ونسبتها إليهم.

ولكننا ننبه هنا إلى أن كثيراً من الانتقادات المتعلقة بالنسبة كانت لتخريجات مبنية على عدد محدود من الفروع، وربما كان بعضها مبنياً على


(١) هو: أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي، الملقب بإمام الهدى. وهو من علماء الحنفية المشهورين، قال عنه القرشي: (هو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة) توفى سنة ٣٧٣هـ، وقيل سنة ٣٩٣هـ.
من مؤلفاته: تأسيس النظائر الفقهية، وكتاب عيون المسائل، وكتاب النوازل في الفقه، وتنبيه الغافلين وبستان العارفين.
راجع في ترجمته: الجواهر المضيئة للقرشي ١/ ٥٤٤ و٥٤٥، وتاج التراجم لابن قطلوبغا ص ٧٩، ومفتاح دار العادة ٢/ ١٤٢، وكشف الظنون ١/ ٣٣٤.

<<  <   >  >>