للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعقيب في مسألة نسبة الأصول المخرجة إلى الأئمة:

والذي يظهر لنا من خلال ما لاحظناه من نقد لبعض التخريجات، وما أطلعنا عليه مما لم نذكره، أن مجال النقد في نسبة القواعد والأصول المخرجة إلى الأئمة ينبع من أمرين:

الأمر الأول: أن الأساس في الوصول إلى قواعد الأئمة هو الاستقراء الذي يعتمد على ملاحظة الأقوال الواردة عنهم، والموازنة بينها، وتحليل صفاتها ودلالاتها ومعانيها للوصول بذلك على القضايا الكلية أو القواعد التي تربط بين تلك الأحكام أو القواعد المتفرقة (١).

والاستقراءات التي بنيت عليها القواعد كانت ناقصة، والاستقراء الناقص وإن كان هو المنهج العلمي الصحيح في نظر جون ستيورت مل والمناطقة المعاصرين (٢)، لأنه يكسبنا علماً جديداً، ويعرفنا على المجهول، لكن بسبب أن نتيجته أعم من أية مقدمة من مقدماته، فإنه في معرض إيقاع الباحث في الخطأ. فقد يكتشف فيما بعد أمثلة أخرى تخالف الأمثلة التي بنى عليها نتائجه السابقة، الأمر الذي يستدعي تبديل الحكم السابق بما يتفق مع الاكتشاف الجديد ومن قوانين المنطق أن صدق الحكم الجزئي ليس دليلاً على صدق الحكم الكلي (٣).

ومن المعلوم أن تخريج أصول الأئمة كان معتمداً على مثل هذا الاستقراء الناقص، بل والبالغ النقصان؛ لأنهم في كثير من الأحيان يبنون القواعد على فروع لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وأحياناً على فرع أو فرعين، مما يجعل بعض تخريجاتهم في نطاق الظن الضعيف.

الأمر الثاني: أن الأصول المخرجة كانت تعتمد على فهم المخرج نفسه


(١) لاحظ: المنطق التوجيهي للدكتور/ أبو العلاء عفيفي ص ١١٨ - ١٢١.
(٢) المصدر السابق ١٢٣/ ١٢٤.
(٣) مسائل فلسفية ١/ ١٤٧ للدكتور/ توفيق الطويل.

<<  <   >  >>