للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتاب الأم للشافعي – رحمه الله-. وهي الأسباب المتقدمة نفسها، مضافاً إليها الاختلاف في الاحتجاج ببعض الأدلة، كالاختلاف في الاحتجاج بآراء الصحابة، وكالاختلاف في الأخذ ببعض وجوه الرأي، كالاستحسان وغيره (١). كما أضاف إلى ذلك، أيضاً، سبب الاختلاف بين أهل الحديث وأهل الرأي، مما لا يخرج عن الأسباب المتقدمة، إلا في التوسع في بعض المجالات، عند بعضهم، بما لا يتوسع فيه الآخرون.

وفي رسالته فوائد كثيرة تتعلق بالاجتهاد والتقليد وآثار الجدل والخلاف، في علم الفقه والأصول، وما ترتب على التعمق في بعض الفنون، من افتراض الصور المستبعدة في الفقه، مما لا يتعرض له عاقل (٢).

وفي القرن الرابع عشر الهجري تكلم صديق بن حسن القنوجي (ت ١٣٠٧هـ) عن أسباب الاختلاف، ولكن كلامه كان بشأن الاختلاف مطلقاً، لا بشأن الاختلافات الفقهية، فتناول أسباب الاختلاف في الاعتقادات والمذاهب والملل والنحل والأديان. وكان من تلك الأسباب ما هو حقيقي مسلم، ومنها ما هو غريب عن روح الفكر الإسلامي، ولصيق بالخرافات والأفكار الوثنية (٣). ومن الأسباب المقبولة التي ذكرها:

١ - اختلاف الطبائع في البيئات والبلاد والعادات والأمزجة.

٢ - اختلاف حال البلدان تطوراً ورقياً، من أمم زراعية، أو صناعية، أو متأخرة في سائر المجالات.

٣ - توجه العناية الإلهية بإرسال رسل مبشرين ومنذرين، وقد كانوا في أقطار


(١) ص ٣٤ - ٤٥.
(٢) ص٨٧ - ٩٦.
(٣) من تلك الأسباب ذكره اختلاف طوالع المواليد، والقرانات الجزئية والكلية، وبعض ما كره من تجارب الهنود، إن من كانت الشمس أو المشتري في سابعه انكشف له حقيقة الإسلام، وخرج من دينه إليه، وما إلى ذلك من الخزعبلات والخرافات. انظر: ١/ ٤٠٤ و ٤٠٥ من كتابه (أبجد العلوم).

<<  <   >  >>