للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كتاب (الموافقات في أصول الشريعة)، وذكر سبق ابن السيد في التأليف في ذلك، وكرر حصرها في ثمانية أسباب، ولم يزد على عدها، كما أوردها ابن السيد. لكن الشاطبي ميز بين ما هو خلاف حقيقي، وما هو خلاف ظاهري، وذكر ضربين من الخلاف، وقال عنهما: إنهما مما لا يعتد به، وهما:

١ - ما كان من الأقوال خطاً مخالفاً، لمقطوع به في الشريعة.

٢ - ما كان ظاهره الخلاف، وليس في الحقيقة كذلك.

ولهذا فإنه قال بأنه لا يصح نقل الخلاف في أمثال ذلك، ثم ذكر عشرة أسباب تجعل بعض العلماء ينقلون الخلاف في المسائل، مع أنه لا خلاف فيها لدى التحقيق، ونبه المجتهدين إلى مثل ذلك، ودعاهم إلى التفهم، وقياس ما سواها عليها وإلى عدم التساهل في افتراض الخلافات فيما ليس فيه خلاف، الأمر الذي يؤدي إلى مخالفة الإجماع (١).

وفي القرن الثاني عشر الهجري، أبدى الشيخ أحمد بن عبد الرحمن المعروف بشاه ولي الله الدهلوي (ت ١١٧٦هـ)، اهتماماً بهذا الموضوع، فكتب رسالة تتعلق بذلك سماها (الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف)، كما تناول هذا الموضوع في كتابه (حجة الله البالغة) (٢)، الذي تضمن أغلب ما في الرسالة المذكورة بنصه.

وقد تكلم عن أسباب الخلاف بين الصحابة والتابعين، فذكر منها ضروباً مختلفة، تتعلق بأقوال وأفعال النبي – صلى الله عليه وسلم- (٣)، ومن الممكن رد جميع ما ذكره، إلى ما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في رسالته سالفة الذكر. لكنه أضاف إلى ذلك أسباب اختلاف الفقهاء، مما لم يرد في أسباب اختلاف الصحابة والتابعين، آخذاً ذلك – كما ذكر – مما جاء في أول


(١) الموافقات ٤/ ٢١١ - ٢٢٢.
(٢) ١/ ١٤٠ - ١٦٢.
(٣) ص ١٥ - ٣٣.

<<  <   >  >>