"والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة، ولم يأت بما ينكر عليه: أن حديثه صحيح"!
فأقول: هذا مما لا يفيده - أيضًا -؛ لأنه مشروط بشرطين:
١ - أنه روى عنه جماعة.
٢ - أنه لم يأت بما ينكر عليه.
فمن كان له راوٍ أو راويان، أو حديث أو حديثان، فضلًا عمن ليس له ولا حديث واحد - كما يقول ابن حبان في بعض ثقاته - فهؤلاء لا يمكن التحقق من سلامة حديثه من منكر، ولو من باب غلبة الظن؛ بخلاف ما إذا كانوا جماعة، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك فيما نقله السخاوي عن ابن رشيد، وهو على كل حال داخل فيما سبق من قولي:"لكل قاعدة شواذ"، فقد يوجد في أمثال هؤلاء من يكون حديثه حسنًا أو صحيحًا، وبخاصة إذا كان في "الصحيحين" أو أحدهما، حسب نسبة الرواة عنه قلة وكثرة؛ لأن اختلاف هذه النسبة تنتج في نفس الباحث اختلاف قوة الظن بالثقة بالراوي أو بحديثه، فقد يُحسِّن حديث بعضهم، وقد يصححه؛ بل قد يختلف رأي الحفاظ فيه؛ بل والحافظ الواحد في بعضهم، فهذا حفص بن بُغيل الذي نقل المردود عليه عن الذهبي أنه انتقد في "الميزان"(١/ ٥٥٦) على ابن القطان تجهيله إياه، وقال:
" .. وهذا شيء كثير، ففي "الصحيحين" من هذا النمط خلق كثير مستورون ما ضعفهم أحد، ولا هم بمجاهيل".
وإنما نقله الرجل كشاهد لزعمه الباطل، وقد عرفت رده من بعض الأمثلة