ابتداءً؛ يكفينا الاستشهاد على تساهله فيه قول أعرَف الحفاظ بالرجال بعد الحافظ الذهبي؛ ألا وهو الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني - رحمه الله -؛ فإنه قال في مقدمة كتابه "لسان الميزان"(١/ ١٤):
"قال ابن حبان: من كان منكر الحديث على قلته؛ لا يجوز تعديله إلَّا بعد السبر، ولو كان ممن يروي المناكير، ووافق الثقات في الأخبار؛ لَكان عدلًا مقبول الرواية، إذ الناس في أحوالهم (١) على الصلاح والعدالة؛ حتى يتبين منهم ما يوجب القدح، هذا حكم المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلَاّ الضعفاء، فهم متروكون على الأحوال كلها".
قال الحافظ عقبه:
"قلت: وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان؛ من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه؛ كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه: مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهو مسلك ابن حبان في "كتاب الثقات" الذي ألَّفه؛ فإنه يذكر خلقًا ممن نص عليهم أبو حاتم - وغيره - على أنهم مجهولون، وكأَن عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره، وقد أفصح ابن حبان بقاعدته، فقال:
(العدل من لم يعرف فيه الجرح؛ إذ التجريح ضد التعديل، فمن لم
(١) الأصل: "أقوالهم"! والتصويب من "الضعفاء" (٢/ ١٩٢ - ١٩٣).