وله تفصيل جيد جدًّا في من تقبل شهادته، فليراجعه من شاء استفادته.
٢ - وأما تناقض ابن حبان في (العدل)؛ فقد قال في شروط رواة "صحيحه" - كما في مقدمته المذكورة في طبعات "الإحسان"(١/ ١١٢ - شاكر) -:
"والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله؛ لأنا متى ما لم نجعل العدل إلَّا من لم يوجد معه معصية بحال؛ أدَّانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل؛ إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها".
قلت: فهذا يلتقي تمامًا مع تعريف العلماء للعدل؛ فإنه التزم فيه التعرف على أحواله في طاعة الله، وابتعاده عن معاصيه؛ إلَاّ أنه استثنى منها ما لا ينجو منه أحد، فبطل بذلك قوله: أن العدل من لم يعرف بجرح!
على أنه تناقض مرَّة أخرى؛ فإنه لم يفِ بالتزام هذا الشرط في "صحيحه"، ولا بالشروط الأخرى التي ذكرها معه - وقد سبق ذكرها في الكثير من أحاديثه -، خلافًا لمن قال بأنه وفَّى - كما سيأتي بيان ذلك عند الكلام على "صحيحه" إن شاء اللَّه تعالى -.
[إخلال ابن حبان في "ثقاته" بشرط الصدق]
وإنما عليَّ الآن الإتيان بالدليل القاطع على إخلاله بشرطه المتقدم أنه لا يذكر في "ثقاته" إلَاّ الصدوق الذي يجوز الاحتجاج بخبره، فضلًا عن ذكره فيه عشرات - إن لم أقل: مئات الضعفاء والمجهولين عنده هو - بَلْهَ عند غيره -، ثم أتبع ذلك ببيان تناقضه من كلامه هو - عفا الله عنا وعنه -.
أما من أخلَّ بشرطه فيهم؛ فهم على قسمين:
الأول: المجهولون الذين صرح بأنه لا يعرفهم، وقد كنت ذكرت نماذج منهم لا بأس بها في بعض المؤلفات؛ مثل "تمام المنَّة"(ص ٢٠ - ٢٥) تحت