القاعدة الأخرى، وهذا به أولى؛ لأنه الصواب الموافق للجمهور؛ كما لا يخفى على أولي النهي.
ولعلّه يؤيد التراجع المذكور أن كثيرًا من المترجَمين في "ثقاته" لم يخرّج لهم شيئًا في "صحيحه"، خذ مثلًا؛ فقد ترجم لسبعة ممن يسمَّى (آدم)، ثلاثة منهم من المجاهيل، وترجم لسبعة عشر ممن يسمى (أبان)، لم يخرج إلَّا لخمسة منهم، وفي الآخرين مجاهيل، ومن لم أعرف، ومن قال هو فيه:"لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟ "؛ والأمثلة تكثر، فحسبنا ما ذكر.
وعلى كل حال؛ فلا يجوز الاعتماد على الموثق في "الثقات"؛ للأسباب التي سبق بيانها.
وهذا سبب آخر يمكن أن نضيفه إليها؛ ألا وهو أن ابن حبان نفسه لم يعتمد عليه اعتمادًا كليًّا، وإنما على الاختيار والانتقاء، وهو الشرط الذي كنت بيَّنته ثَمَّةَ في الفصل الأول:"تقويم كتاب الثقات".
[الكلام على الشرط الثالث والرابع]
وأما الشرط الثالث والرابع؛ فقد سبق تعليقي عليه، وبيان أنه مِن تشدد ابن حبان - رحمه اللَّه -، وأنه نظري غير عملي، وأنه إذا حمل على أنه شرط كمال، وليس شرط كمال؛ فَنِعِّمَا هو (ص ٢٧)، ونقلت رد ابن رجب عليه (ص ٢٩)، فمن شاء رجع إليها.
وحسبك دليلًا على ما قلت: أن ابن حبان نفسه لم يلتزمهما في "صحيحه"، بله "ثقاته"، كيف وهو لم يلتزم الوفاء بما هو أيسر منهما؛ ألا وهما الشرط الأول والثاني كما يأتي تحقيقه - إن شاء اللَّه تبارك وتعالى -؟!
وإن من العجائب التي لا يكاد ينتهي عجبي منها: تتابع بعض العلماء - فضلًا عن طلاب العلم -: على التصريح بأن ابن حبان "وفى بما اشترط"؛ مع