قال: ثمَّ خرجنا إِلى منى، فقضينا الحجّ، حتى إذا كنّا وسطَ أَيّامِ التشريق؛ اتَّعدنا نحنُ ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - العقبة، فخرجنا مِنْ جوفِ الليلِ نتسللُ مِنْ رحالنا، ونخفي ذلك ممن معنا من مشركي قومنا، حتّى إذا اجتمعنا عندَ العقبة؛ أَتى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومعه [عَمُّهُ] العباسُ بن عبد المطلبِ، فتلا علينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - القرآن، فأَجبناه، وصدقناه، وآمنّا به، ورضينا بما قال، ثمَّ إنَّ العباسَ بن عبد المطلبِ تكلّمَ فقالَ: يا معشرَ الخزرج! إنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - منّا حيثُ قَدْ عَلمتُم، وإِنّا قد منعناهُ ممنْ هُوَ على مثلِ ما نحنُ عليه، وهو في عشيرتِه وقومِه ممنوعٌ، فتكلّمَ البراءُ بن معرورٍ - وأَخذ بيدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: بايعنا، قال:
"أُبايعكُم على أَن تمنعوني ممّا تمنعون منهُ أنفسكُمْ ونساءكم وأبناءكم".
قال: نعم، والذي بعثَكَ بالحقّ، فنحنُ - واللهِ - أَهلُ الحربِ؛ ورثناها كابرًا عَنْ كابر].
حسن - "تخريج فقه السيرة"(ص ١٥).
[٢٠ - باب في فضل عبد الله بن مسعود وعبد الله بن سلام وغيرهما]