للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: فقد التقى ابن حبان مع الجمهور في اشتراطهم في الراوي أن يكون معروفًا بالعدالة، وبالصدق في الرواية (١) على التفريق المتقدم بين راوي الحديث الصحيح، وراوي الحديث الحسن، وقد أكد ابن حبان ذلك بقوله في مقدمة "الضعفاء والمجروحين" (١/ ٨):

"وأقل ما يثبت به خبر الخاصة حتى تقوم به الحجة على أهل العلم: هو خبر الواحد الثقة في دينه، المعروف بالصدق في حديثه، العاقل بما يحدث به، العالم بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، المتعرِّي عن التدليس ... ".

ولذلك قال ابن حبان في الشرط الثاني المتقدم:

"الصدق في الحديث بالشهرة فيه".

قلت: فهذا وما قبله يناقض كل المناقضة قوله في مقدمة "الثقات" (١/ ١٣):

"فكل من ذكرته في كتابي هذا؛ إذا تعرى خبره عن الخصال الخمس التي ذكرتها (٢)؛ فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره؛ لأن العدل من لم يُعرف منه الجرح ضد التعديل، فمن لم يعرف بجرح فهو عدل".

فإما أن يقال: إنه بنى كتابه "الثقات" على قاعدة، و"صحيحه" على قاعدة أخرى مخالفة، فتناقض، وهو من الأسباب التي حملت بعض الحفاظ إلى وصفه بالتناقض، إضافة إلى التساهل.

وإما أن يقال: إنَّه تبين له خطؤه في القاعدة الأولى، فتراجع عنها إلى


(١) انظر "فتح المغيث" (١/ ٧١)، و"تدريب الراوي" (١/ ٦٤).
(٢) تقدم نقلها عنه (ص ١٢)؛ وهي خصال تتعلق بخبر الراوي؛ وليس بشخصه؛ خلافًا لِما نقله الحافظ عنه، كما سبق بيانه هناك، وإن كان فيه تعريف العدل عنده في آخر كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>