للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنِفَاسٍ لِانْقِطَاعِ حُكْمِهِ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ مُدَّتِهِ، وَإِنْ بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِلْحَيْضِ وَلَمْ يَتَكَرَّرْ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَالطُّهْرُ الْمُتَقَدِّمُ طُهْرٌ صَحِيحٌ لَا تَقْضِي مَا صَامَتْ فِيهِ كَالطُّهْرِ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنِ انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ فِي أَثْنَاءِ الْعَادَةِ ثُمَّ عَادَ - وَقُلْنَا أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّكْرَارِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ - فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ حَيْضٌ فِي الْعَادَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ بِحَيْضٍ حَتَّى يَتَكَرَّرَ؛ لِأَنَّهُ بِانْقِطَاعِهِ خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ، وَعَوْدُهُ فِيهَا يُشْبِهُ انْتِقَالَهُ عَنْ زَمَنِ الْعَادَةِ، وَحَيْضُ الْمُبْتَدَأَةِ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ فَإِنْ صَارَ عَادَةً قَضَتْ مَا صَامَتْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَانَ دَمَ فَسَادٍ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّتْ فِيهِ بِخِلَافِ الْعَادَةِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ فَأَنَّهُ لَا يُرْجَى انْكِشَافُ أَمْرِهِ لِعَدَمِ الْعَادَةِ هُنَاكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَصْلٌ

وَالْوَلَدُ الَّذِي تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ النِّفَاسِ " هُوَ " مَا بُيِّنَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، مِثْلَ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ، وَذَلِكَ إِذَا نَكَّسَ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ، فَإِنْ أَلْقَتْ مُضْغَةً لَا تَخْطِيطَ فِيهَا أَوْ عَلَقَةً، فَلَيْسَ بِنِفَاسٍ، وَعَنْهُ أَنَّهُ نِفَاسٌ بِالْمُضْغَةِ دُونَ الْعَلَقَةِ وَخَرَّجُوا وَجْهًا أَنَّهُ نِفَاسٌ فِيهِمَا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، عَلَى رِوَايَةِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ بِهِ، فَأَمَّا النُّطْفَةُ فَلَا أَثَرَ لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَيْسَ هُوَ نِفَاسًا يَكُونُ كَمَا لَوْ رَأَتْهُ غَيْرُ الْحَامِلِ، إِنْ صَادَفَ زَمَنَ الْعَادَةِ فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْهَا كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأَةً، وَبِكُلِّ حَالٍ فَإِذَا رَأَتْهُ عَلَى الطَّلْقِ أَمْسَكَتْ عَنِ الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا تَضَعُ مَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ النِّفَاسِ ثُمَّ إِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَضْعِ أَنَّهُ لَيْسَ بِنِفَاسٍ وَلَا هُوَ حَيْضٌ قَضَتْ مَا تَرَكَتْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ دُفِنَ قَبْلَ الْكَشْفِ ثَبَتَ عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّهُ نِفَاسٌ، كَمَا نَقُولُ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ التَّحَرِّي.

<<  <