تَرْفَعُ بِهَا حَدَثًا سَابِقًا، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا تَجَدُّدُ الْحَدَثِ، بَلْ يَتَعَقَّبُ هَذَا الْحَدَثُ طَهَارَتَهَا، فَتَكُونُ مُحْدِثَةً وَإِنْ أَجَزْنَا لَهَا الصَّلَاةَ مَعَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ فِي حَقِّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ نَوَتِ الِاسْتِبَاحَةَ فَقَطْ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الِاسْتِبَاحَةَ مِنَ الْحَدَثَيْنِ، وَيَتَضَمَّنُ ارْتِفَاعَ الْحَدَثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يَجِبُ أَنْ تَنْوِيَ الطَّهَارَةَ لِلْفَرِيضَةِ مِثْلَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الطَّهَارَةَ تَرْفَعُ الْحَدَثَ الَّذِي أَوْجَبَهَا وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ، وَالْحَدَثُ الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ، فَلَا يُوجِبُ طَهَارَةً أُخْرَى، وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي عَقِبِ الطَّهَارَةِ احْتِرَازًا عَنِ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ بَعْدَ الْإِمْكَانِ إِلَّا أَنْ تُؤَخِّرَهَا لِبَعْضِ مَصَالِحِهَا كَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ أَوْ إِقَامَةٍ أَوْ تَكْمِيلِ سُتْرَةٍ، فَإِنْ أَخَّرَتْهَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ فَقَدْ قِيلَ: لَا يُجْزِئُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُحْكَمِ الشَّدُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُطِيلَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّسْبِيحَ فِي الصَّلَاةِ، فَجَازَ لَهَا التَّأْخِيرُ كَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَدُّ الصَّلَاةِ إِلَيْهِ عَمْدًا، وَلِأَنَّ طَهَارَتَهَا بَاقِيَةٌ فِي حَقِّ النَّوَافِلِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّيهَا تَبَعًا مَعَ تَأْخِيرِهَا، فَلَأَنْ يَبْقَى لِفَرْضِ الْوَقْتِ أَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ بالنسبة للوضوء والصلاة]
مَسْأَلَةٌ
" وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ "
يَعْنِي كُلَّ مَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي كَسَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالرِّيحِ وَالْجُرْحِ الَّذِي لَا يُرْقَأُ وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ. قَالَ: هَؤُلَاءِ يَتَوَضَّئُونَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيَمْنَعُونَ الْحَدَثَ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ، ثُمَّ مَنْ كَانَ حَدَثُهُ بِخُرُوجِ نَجَاسَةٍ، وَجَبَ تَطْهِيرُهَا إِنْ أَمْكَنَ كَالْجَرِيحِ. وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ عِصَابًا، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " صَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْغَبُ دَمًا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute