للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْمُبَالَغَةُ أَنْ يُدِيرَ الْمَاءَ فِي أَقَاصِي الْفَمِ، وَأَنْ يَجْتَذِبَهُ بِالنَّفَسِ إِلَى أَقْصَى الْأَنْفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ سُقُوطًا أَوْ وَجُورًا، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقْلَا: الْمُبَالَغَةُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَاجِبَةٌ لِلْأَمْرِ بِهَا، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَلَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمَا تُرِكَتْ لِأَجْلِ التَّطَوُّعِ.

[مسألة غَسْلُ الْمَيَامِنِ قَبْلَ الْمَيَاسِرِ]

مَسْأَلَةٌ:

" وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَالْأَصَابِعِ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَغَسْلُ الْمَيَامِنِ قَبْلَ الْمَيَاسِرِ ".

أَمَّا تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَالْأَصَابِعِ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَأَمَّا غَسْلُ الْمَيَامِنِ قَبْلَ الْمَيَاسِرِ فَلِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الَّذِينَ وَصَفُوا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَءُوا بِالْمَيَامِنِ قَبْلَ الْمَيَاسِرِ؛ وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا يَشْتَمِلُ الْعُضْوَيْنِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ فَقُدِّمَتْ فِيهِ الْيُمْنَى كَالِانْتِعَالِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالتَّرَجُّلِ، وَهُوَ سُنَّةٌ فَلَوْ قَدَّمَ الْيُسْرَى جَازَ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَاحِدٌ لَمْ يُقَدِّمْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا أُبَالِي إِذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ، كَذَلِكَ جَاءَ عَنْهُ مُفَسَّرًا

<<  <   >  >>