تَعْلَمُ قَدْرَ الزَّمَانِ إِلَّا بِمُضِيِّهِ، وَحِينَئِذٍ يَفُوتُ الْمَقْصُودُ، فَكَيْفَ تُكَلَّفُهُ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ ثَانِيًا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لِقِيَامِ الْحَدَثِ مَعَهُ، وَهِيَ لَا تُنْسَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى تَفْرِيطٍ، ثُمَّ تَقْدِيرُ الزَّمَانِ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ لِلْوَاحِدِ، إِنَّمَا يُعْلَمُ بِحَزْرٍ وَفَرْضٍ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ آرَاءِ النَّاسِ، وَمَوَاقِيتُ الْعِبَادَاتِ حُدُودٌ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهَا، فَكَيْفَ يُفَوَّضُ إِلَى النَّاسِ.
[مَسْأَلَةٌ إِذَا اسْتَمَرَّ بالمستحاضة الدَّمُ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ]
مَسْأَلَةٌ
" فَإِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً، فَحَيْضُهَا أَيَّامُ عَادَتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً، وَلَهَا تَمْيِيزٌ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ دَمِهَا أَسْوَدَ ثَخِينًا، وَبَعْضُهُ رَقِيقًا أَحْمَرَ - فَحَيْضُهَا زَمَنُ الْأَسْوَدِ الثَّخِينِ ".
أَمَّا إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا عَادَةٌ مَحْفُوظَةٌ يُعْلَمُ قَدْرُهَا وَوَقْتُهَا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ رَجَعَتْ إِلَى عَادَتِهَا فَجَلَسَتْ قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهَا حَيْضَتُهَا، سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ فِي جَمِيعِهَا أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ، أَوْ بَعْضُهُ أَسْوَدَ، وَبَعْضُهُ أَحْمَرَ، فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَادَةً إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأَةً أَوْ نَاسِيَةً لِعَادَتِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى التَّمْيِيزِ، فَإِنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ ثَخِينٌ مُنْتِنٌ مُحْتَدِمٌ، وَدَمَ الْمُسْتَحَاضَةِ أَحْمَرُ رَقِيقٌ أَوْ أَصْفَرُ، فَتَجْلِسُ زَمَنَ الدَّمِ الْأَسْوَدِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَى التَّمْيِيزِ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ بِأَنْ كَانَ الدَّمُ كُلُّهُ أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ، وَزَادَ الْأَسْوَدُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ أَوْ نَقَصَ عَنْ أَقَلِّهِ، رُدَّتْ إِلَى الْعَادَةِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، فَإِنْ كَانَ زَمَنَ الْعَادَةِ كُلُّهُ أَسْوَدَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute