وَطْؤُهَا فِي هَذَا الدَّمِ، وَأَجَزْنَا وَطْءَ الْمُسْتَحَاضَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَشْكُوكًا فِيهِ، فَيَجِبُ الِاحْتِيَاطُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ كَمَا احْتِيطَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَلِهَذَا كَانَ صَوْمُهَا وَطَوَافُهَا وَاعْتِكَافُهَا هُنَا مَوْقُوفًا، وَفِي الْمُسْتَحَاضَةِ صَحِيحًا، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: إِذَا أَثْبَتْنَا الْعَادَةَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَإِنَّا نُتْبِعُهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَإِنْ أَثْبَتْنَاهَا بِمَرَّتَيْنِ عَمِلَتْ بِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي هَذَا، وَهُوَ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ كَأَقَلِّ الْحَيْضِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ مِنْ أَوَّلِ زَمَنِهِ.
[مَسْأَلَةٌ إذا تكرر الدم ثلاثة أشهر بمعنى واحد]
مَسْأَلَةٌ
" فَإِذَا تَكَرَّرَ ثَلَاثَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ صَارَ عَادَةً "
هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَصِيرُ عَادَةً بِتَكْرَارِ مَرَّتَيْنِ، فَتَبْنِي عَلَيْهِ الْمُبْتَدَأَةُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، عَلَى اخْتِلَافِ الطَّرِيقَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْعَوْدِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَدَّ الْمُسْتَحَاضَةَ إِلَى عَادَتِهَا قَالَ: " «اجْلِسِي قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا» "، وَقَالَ: " اجْلِسِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ "، وَقَالَ: " لِتَنْظُرْ مَا كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ " وَحَيْضُهَا مُسْتَقِيمٌ " فَلْتَعْتَدِدْ " بِذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: كَانَتْ تَفْعَلُ كَذَا، إِلَّا لِمَا دَامَ وَتَكَرَّرَ، دُونَ مَا وُجِدَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا "، وَأَقَلُّ مَا تَكُونُ الْأَقْرَاءُ ثَلَاثَةً، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَ آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ وَأَوَّلُ حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute