فَصْلٌ:
مَا لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ لَا يَطْهُرُ كَالتُّرَابِ إِذَا اخْتَلَطَ بِهِ رَمِيمُ الْمَوْتَى وَفُتَاتُ الرَّوْثِ. فَأَمَّا مَا يَقَعُ بِالْمَاءِ النَّجِسِ كَاللَّحْمِ وَالْحَبِّ فَهَلْ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِغَسْلِ الْحَبِّ وَغَلْيِ اللَّحْمِ وَالتَّجْفِيفِ، فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَأَمَّا اللَّبِنُ الْمَنْقُوعُ بِالْمَائِعِ النَّجِسِ كَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ فَإِنَّهُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ حَتَّى يُدَاخِلَ أَجْزَاءَهُ وَيَصِيرَ طِينًا وَيَذْهَبَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ لَمْ يُدَاخِلْهُ طَهُرَ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ، فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ أَعْيَانُ النَّجَاسَةِ كَرَوْثٍ وَرَمِيمٍ لَمْ يَطْهُرْ إِلَّا أَنْ يُطْبَخَ بِالنَّارِ فَيُغْسَلَ فَيَطْهُرَ ظَاهِرُهُ لِأَنَّ النَّارَ أَكَلَتِ النَّجَاسَةَ وَالْمَاءَ أَزَالَ الْأَثَرَ، وَلَا يَطْهُرُ بَاطِنُهُ لِأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسْحَقَ سَحْقًا نَاعِمًا فَيَخْلُصَ إِلَيْهِ الْمَاءُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ الْمَائِعَاتُ كَالْخَلِّ وَنَحْوِهِ لَا يَطْهُرُ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَايِلُهَا إِلَّا الْمَاءُ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ تُفَارِقُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا الْأَدْهَانُ مِثْلُ الزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ وَيُفْتَحَ فِي أَسْفَلِ الْوِعَاءِ ثُقْبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَإِلَّا الزِّئْبَقُ فَإِنَّهُ لَا يَقْوَى شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ عَلَى مُدَاخَلَتِهِ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ فَأَشْبَهَ الْجَامِدَاتِ.
[مَسْأَلَةٌ النضح في بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ]
مَسْأَلَةٌ:
" وَيُجْزِئُ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ النَّضْحُ "
وَذَلِكَ لِمَا «رَوَتْ أُمُّ قَيْسٍ بِنْتُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّةُ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ " فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute