وَإِنْ غَمَسَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ وَلَمْ يَطْهُرْ وَلَمْ يُحْتَسَبْ غَسْلُهُ كَمَا لَوْ أَلْقَتْهُ رِيحٌ وَكَمَا لَوِ اغْتَسَلَ فِيهِ الْجُنُبُ، فَأَمَّا إِنْ تَرَكَ الثَّوْبَ النَّجِسَ فِي وِعَاءٍ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَعَصَرَهُ كَانَ غَسْلَةً يَبْنِي عَلَيْهَا وَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إِنَاءٍ، وَكَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ بِفَمِهِ لِتَطْهِيرِ نَجَاسَةٍ فِيهِ ثُمَّ مَجَّهُ، وَهَذَا لَأَنَّ الْمَاءَ إِذَا وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ، كَمَا لَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِهِ مَا دَامَ عَلَى الْعُضْوِ وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ بِتَغَيُّرِهِ بِالطَّاهِرِ عَلَى الْبَدَنِ حَتَّى يَنْفَصِلَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ فَمَا دَامَ يُتَطَهَّرُ بِهِ فَطَهُورِيَّتُهُ بَاقِيَةٌ.
فَصْلٌ:
الْمُنْفَصِلُ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ هُوَ نَجِسٌ سَوَاءٌ كَانَ مُتَغَيِّرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَمْ يُحْكَمْ بِتَنْجِيسِهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ، وَإِنْ تَغَيَّرَ فَتَأْثِيرُهُ بَاقٍ مَعَ نَجَاسَتِهِ، فَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ بَعْدَ طَهَارَةِ النَّجَسِ فَنَجِسٌ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ طَهُورٌ أَيْضًا فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنِ انْتَضَحَ مِنَ الْمُنْفَصِلِ شَيْءٌ قَبْلَ تَكْمِيلِ السَّبْعِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ فَقِيلَ: يَجِبُ تَسْبِيعُهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ غَسْلُهُ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ فَيُغْسَلُ مِنَ الْأُولَى سِتٌّ، وَهَذَا أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute