للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَلَسُ الْبَوْلِ، وَكَانَ يُدَاوِيهِ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا غَلَبَهُ تَوَضَّأَ وَلَا يُبَالِي مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ "، وَلِأَنَّ هَذَا أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَلِأَنَّهُ عُذْرٌ يَتَّصِلُ بِهِ وَيَدُومُ، فَفِي إِيجَابِ الْإِعَادَةِ مَشَقَّةٌ، وَيَجِبُ إِعَادَةُ غَسْلِ الدَّمِ وَالتَّعْصِيبِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ؛ كَالْوُضُوءِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، سَوَاءٌ ظَهَرَ الدَّمُ فِي ظَهْرِ الْعِصَابَةِ أَوْ كَانَ بِبَاطِنِهَا، وَالْآخَرُ: لَا يَجِبُ، وَهُوَ أَقْوَى؛ لِأَنَّ فِي غَسْلِ الْعَصَائِبِ كُلَّ وَقْتٍ وَتَجْفِيفِهِ أَوْ إِبْدَالِهِ بِطَاهِرٍ - مَشَقَّةً كَبِيرَةً؛ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الدَّمِ وَعَصْبَ الْفَرْجِ.

[مَسْأَلَةٌ تتوضأ المستحاضة لكل صلاة وتصلي]

مَسْأَلَةٌ

" وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي "

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَوَضَّأَ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَإِذَا تَوَضَّأَتْ صَلَّتْ بِهِ مَا شَاءَتْ مِنَ الْفُرُوضِ وَالنَّوَافِلِ، وَعَنْهُ: لَا تَجْمَعُ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَرْضَيْنِ، لَكِنْ إِذَا اغْتَسَلَتْ فَلَهَا أَنْ تَجْمَعَ بِالْغُسْلِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ: " «وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» "، وَجَوَّزَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ لِحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَسَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ. وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، جَازَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ قَائِمٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْغُسْلُ أَفْضَلَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ دَمَ حَيْضٍ، وَقَوْلُهُ " «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» " أَيْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَعْهُودَةِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ «أَنَّهَا كَانَتْ تُهْرَاقُ

<<  <   >  >>