وَحَكَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مَسَحَ وَقَالَ " هُوَ مَوْضِعُ الْغُلِّ ".
وَالثَّانِيَةُ: لَا يُسْتَحَبُّ وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ وَصَفُوا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرُوهُ، وَلَوْ كَانَ مَسْنُونًا لَتَكَرَّرَ مِنْهُ فَنَقَلُوهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الرَّأْسِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَالْحَدِيثُ قَدْ طَعَنَ فِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَعَلَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً لِغَرَضٍ؛ إِذْ لَوْ دَاوَمَ عَلَيْهِ لَنَقَلَهُ مِثْلُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.
[مَسْأَلَةٌ غسل الرجلين إلى الكعبين وإدخال الكعبين في الغسل]
مَسْأَلَةٌ:
" ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا وَيُدْخِلُهُمَا فِي الْغَسْلِ ".
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] وَقَدْ قُرِئَتْ بِالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ، وَقَالَ مَنْ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَعَادَ الْأَمْرَ إِلَى الْغَسْلِ.
وَلَوْ كَانَ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فَهُوَ وَقِرَاءَةُ الْخَفْضِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ، فَإِنَّ الْمَسْحَ اسْمٌ لِإِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى الْعُضْوِ سَوَاءٌ سَالَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يَسِلْ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ تَمَسَّحْتُ لِلصَّلَاةِ.
وَأَيْضًا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ أَنَّ الْفِعْلَيْنِ إِذَا تَقَارَبَ مَعْنَاهُمَا اسْتَغْنَوْا بِأَحَدِهِمَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْآخَرِ؛ لِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ هَذَا مِنْ بَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute