للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَبِهَذَا يُفَارِقُ الْجَبِيرَةَ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ كَالْجِلْدِ فَمُسِحَتْ فِي الطَّهَارَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ، وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ فَرْعٌ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ فَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: يُجْزِئُ الْأَكْثَرُ أَوْ قَدْرُ النَّاصِيَةِ مِنَ الرَّأْسِ وَمِنَ النَّاصِيَةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَيَخْتَصُّ مَحَلُّ الْإِجْزَاءِ بِأَكْوَارِهَا، وَهِيَ دَوَائِرُهَا دُونَ وَسَطِهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ وَسَطَهَا بَاطِنٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَسْفَلِ الْخُفِّ، وَفِي الْآخَرِ يُجْزِئُ مِنَ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ بَاطِنُهَا مَحَلًّا لِلْأَوْلَى بِخِلَافِ الْخُفِّ.

[مَسْأَلَةٌ شَرْطِ الْمَسْحِ على العمامة والخف]

مَسْأَلَةٌ:

" وَمِنْ شَرْطِ الْمَسْحِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يَلْبَسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ "

لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخُفَّيْنِ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ، فَلَوْ كَانَ مُحْدِثًا حِينَ لَبِسَهُمَا أَوْ أَحَدَثَ حِينَ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي " الْخُفِّ " قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ تَعَلَّقَ بِالرِّجْلِ فِي حَالِ ظُهُورِهَا فَصَارَ فَرْضُهَا الْغَسْلَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ حِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْهُ، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةَ حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ فَقَدِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ تَامَّةً فَلَا يَجُوزُ قَصْرُهَا بِخِلَافِ مَا إِذَا لَبِسَ طَاهِرًا ثُمَّ أَحْدَثَ فَإِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا عَلَى صِفَةٍ يَشُقُّ غَسْلُهَا فَكَانَ الْفَرْضُ فِيهَا عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ؛ إِمَّا الْغَسْلُ أَوِ الْمَسْحُ، وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الطَّهَارَةُ قَبْلَ اللُّبْسِ فَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى حَدَثٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْلَعَهُ ثُمَّ يَلْبَسَهُ لِيَكُونَ حِينَ اللُّبْسِ مُتَطَهِّرًا.

<<  <   >  >>