[مَسْأَلَة الرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ]
مَسْأَلَةٌ:
" وَالرِّدَّةُ عَنِ الْإِسْلَامِ "
الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِارْتِدَادَ عَنِ الْإِسْلَامِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْقَاضِي فِي خِصَالِهِ وَجَامِعِهِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ مِنَ النَّوَاقِضِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا عَدَمُ النَّقْضِ بِهَا كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيُشْبِهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنْ يَكُونَا تَرَكَا ذِكْرَهَا لِعَدَمِ ظُهُورِ فَائِدَتِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ إِذَا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَا مَعْنَى لِنَقْضِ وُضُوئِهِ وَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَنْصُوصِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنَ الْوُضُوءِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوُضُوءُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْقَاضِيَ قَدْ صَرَّحَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بِذَلِكَ وَقَالَ: " لَا مَعْنَى لِجَعْلِهَا مِنَ النَّوَاقِضِ مَعَ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى بِالْإِسْلَامِ " وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ " يَظْهَرُ فَائِدَتُهُ " إِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّا نُوجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ وَإِنْ نَوَاهُمَا بِغُسْلِهِ أَجْزَأَهُ فِي الْمَشْهُورِ كَمَا إِذَا نُقِضَ وُضُوءُهُ بِغَيْرِ الرِّدَّةِ وَمَنْ لَمْ يُنْقَضْ وُضُوءُهُ بِالرِّدَّةِ لَمْ يُوجَبْ عَلَيْهِ إِلَّا الْغُسْلُ، وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى هَذِهِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَاغْتَسَلَ فِي خُفَّيْهِ لَمْ يَكُنِ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ لَبِسَ الْخُفَّ مُحْدِثًا وَلَوْ قُلْنَا هُوَ طَاهِرٌ لَجَازَ لَهُ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَهَا.
وَقَدِ احْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْعَمَلَ بِمُجَرَّدِهَا فَإِنَّ الْمَوْتَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: ٢١٧].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute