للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَسْحُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَقَدْ لَا يُمْسَحُ أَصْلًا إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ بَعْدَ الْحَدَثِ ثَلَاثًا، وَقَالَ عُمَرُ: " امْسَحْ إِلَى مِثْلِ سَاعَتِكَ الَّتِي مَسَحْتَ فِيهَا " رَوَاهُ الْخَلَّالُ.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَمَرَ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالنُّوْمِ، فَمَفْهُومُهُ إِنَّمَا يُنْزَعُ لِثَلَاثٍ يَضْمَنُهُنَّ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالنَّوْمِ وَلِأَنَّ مَا بَعْدَ الْحَدَثِ وَقْتٌ يُبَاحُ فِيهِ الْمَسْحُ فَكَانَ مِنَ الْمُدَّةِ كَمَا بَعْدَ الْحَدَثِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ.

وَهَذَا لِأَنَّ وَقْتَ الْعِبَادَةِ مَا جَازَ فِيهِ فِعْلُهَا إِلَّا مَا وَقَعَ فِعْلُهَا كَالصَّلَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثًا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ ثَلَاثًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَ الْحَدَثِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مِنَ الْمُدَّةِ، وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْمَسْحِ، أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الْمَسْحِ عَقِيبَ الْحَدَثِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ متى تبطل طهارة المسح على الخفين]

مَسْأَلَةٌ:

" وَمَتَى مَسَحَ ثُمَّ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ أَوْ خَلَعَ قَبْلَهَا بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ "

لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ " أَوْ خَلَعَ " قَبْلَهَا بَطَلَ حُكْمُ الْمَسْحِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ؛ سَوَاءٌ نَزَعَ خُفَّيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ لَمْ يَنْزِعْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ طَهَارَةَ الْمَسْحِ فِيهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَذِنَ فِي الْمَسْحِ ثَلَاثًا لِمَنْ لَيْسَ عَلَى طَهَارَةِ غُسْلٍ، وَأَمَرَ بِالْخَلْعِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَمَتَى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ خَلَعَ الْخُفَّ، فَإِنَّهُ شَرْطُ الْمَسْحِ، وَكُلُّ حَالٍ لَا يَجُوزُ فِيهَا ابْتِدَاءُ الطَّهَارَةِ لَا يَجُوزُ فِيهَا اسْتِدَامَتُهَا كَالتَّيَمُّمِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّهَارَةِ خُصُوصًا أَقْوَى مِنَ اسْتِدَامَتِهَا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَذَاكَ حُكْمٌ، وَلِهَذَا يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ وَطَهَارَةِ

<<  <   >  >>