الْفَصْلُ الثَّامِنُ:
أَنَّهُ يُوجِبُ الْبُلُوغَ، بِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَلِأَنَّهُ بِالْحَيْضِ تَصْلُحُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَكُونَ أُمًّا، فَحَصَلَ بِهِ الْإِدْرَاكُ وَالْبُلُوغُ كَالْإِنْزَالِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ اللَّذَيْنِ يُخْلَقُ مِنْهُمَا الْإِنْسَانُ فَحَصَلَ الْبُلُوغُ بِهِ كَالْمَنِيِّ، وَلِأَنَّ بُلُوغَ الْأَشُدِّ هُوَ اسْتِكْمَالُ الْإِنْسَانِ قُوَاهُ، وَالْحَيْضُ وَالْإِمْنَاءُ آخِرُ قُوَى الْبَدَنِ حُصُولًا، فَبِهِ يَحْصُلُ بُلُوغُ الْأَشُدِّ.
[مَسْأَلَةٌ أَقَلُّ الْحَيْضِ]
مَسْأَلَةٌ
(وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ)
الْأَصْلُ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الَّتِي عُلِّقَتِ الْأَحْكَامُ بِهَا فِي الشَّرْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا بُيِّنَ حَدُّهُ وَمِقْدَارُهُ بِالشَّرْعِ كَأَعْدَادِ الصَّلَاةِ وَمَوَاقِيتِهَا وَنُصُبِ الزَّكَوَاتِ وَفَرَائِضِهَا وَعَدَدِ الطَّوْفَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَثَانِيهَا: مَا يُعْلَمُ حَدُّهُ وَمِقْدَارُهُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ كَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْبَرْدِ وَالْفَجْرِ وَالسَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَثَالِثُهَا: مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ فَالرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى مَا تَعْرِفُهُ النَّاسُ وَيَعْتَادُونَهُ كَالْجُودِ وَالْقَبْضِ وَالتَّفَرُّقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْحَيْضُ شَبِيهٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute