قُدِّرَ بِهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، مِثْلَ: خِيَارِ الْمُصَارَّةِ، وَخِيَارِ الْمَخْدُوعِ، وَمُدَّةِ الْهِجْرَةِ، وَالْإِحْدَادِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ، وَإِقَامَةِ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمُ: " الْعَادَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْعَوْدِ " إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الشَّرْعُ هُوَ الَّذِي عَلَّقَ الْحُكْمَ بِاسْمِ الْعَادَةِ، وَالْعَادَةُ مِنْ أَلْفَاظِ الْفُقَهَاءِ. وَهَذَا كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ: أَقَلُّ أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ اثْنَانِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الضَّمُّ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الِاثْنَيْنِ. وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا لَوْ كَانَ الْعَرَبُ سَمَّتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ جُمُوعًا، وَإِنَّمَا هَذِهِ تَسْمِيَةُ النُّحَاةِ، ثُمَّ لَوْ رَاعَيْنَا الِاشْتِقَاقَ فَإِنَّ الْعَادَةَ لَا تَحْصُلُ بِعَوْدِ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا عَوَدَةٌ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا، وَهَذِهِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِتَكْرَارِ الْعَوْدِ، وَأَقَلُّ مَا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الْعَوْدُ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ الْأُولَى، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً؛ حَتَّى لَوْ حَاضَتْ سَبْعًا ثُمَّ سِتًّا ثُمَّ خَمْسًا فَإِنَّهَا تَجْلِسُ الْخَمْسَ، فَإِنْ حَاضَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ سِتًّا صَارَتْ هِيَ الْعَادَةَ كَتَكَرُّرِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ.
وَفِي الثَّانِي: لَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ إِلَّا بِتَوَالِي أَشْهُرِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ سِتًّا صَارَ الْيَوْمُ السَّادِسُ حَيْضًا مُبْتَدِئًا لَا مُعْتَادًا، وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْعَادَةَ إِذَا نَقَصَتْ فِي بَعْضِ الْأَشْهُرِ فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ عَشْرًا فَحَاضَتْ فِي شَهْرٍ سَبْعًا ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ فِي عَقِبِ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى سَبْعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute