ذلك وما ذكره حامد الرعيني في شهادته: أن المرأة كانت عن ضرر ولا يعرف ممن كان الضرر، أمنها أم من الزوج، فشهادة ناقصة لا توجب ضررًا يحل به شيء مما في المبرأة، ويؤخذ من مالها ما بقي من النفقة التي ثبت قبضها لها إلى إنقضاء الثماني سنين. قاله عبيد الله بن يحيى، وابن لبابة، وسعد بن معاذ، وابن وليد، وأحمد بن يحيى، ومحمد بن أيمن.
وفي مبارأة ودعويات: بارأ عبد الله بن محمد بن عبد ربه زوجه سيدة بنت هود، وأمها آمنة حاضرة راضية وأنكرتا ذلك: وشهد أيوب بن سليمان وأحمد بن محمد بن يزيد بذلك، وطعن خصم سيدة وآمنة في الشهادة بأنهما لم يشهدا على معرفة تامة لقولهما في شهادتهما: أنهما يعرفانهما.
وهذا-وفقك الله- محمول على التمام لمعنيين: أحدهما أنهما قد سميا آمنة وسيدة وقالا نعرفهما وهذه شهادة تامة، وقول آمنة وسيدة: لسنا مسماتين بهذين الاسمين، والأسماء (ب-٦٠) تتشاكل غير نافع، ويقال لهما: أنتما هما حتى يثبت أنكما غير هاتين، فإن أثبتما نظر القاضي حينئذ بأن يوقف الشاهدين عليهما فإن قالا: هما هاتان العينان لزمهما ولم يضر عبد الله شهادة من شهد هما بخلاف الشاهدين أثبتا العين أو لم يثبتا. قاله ابن لبابة، وأيوب، وعبيد الله بن يحيى، وغيرهم.
وفي إيقاع لفظ الطلاق في عدم النفقة أو غيره ممن يكون، أمن المرأة أم من الحاكم:
شاورني في ذلك بعض حكام قرطبة: وقفت على ما راجعتموني به عما خاطبتكم فيه مما أدرته طي كتابي هذا من المغيب الثابت عندي وأنا أكرر مخاطبتكم فيه إذ وردين من قبلكم خلاف في أمر الطلاق؛ فمنكم من يشير بإباحته للقائمة وتطلق نفسها، ومنكم من يشير بأن يكون ذلك من قبل الحاكم، وفريق منكم يضرب عن شرح رأيه في ذلك ولا يبين الحقيقة في جوابه فراجعتكم في أني شرح كل واحد منكم رأيه فيه والحجة عليه وإيجاب الجواب عنه إن شاء الله.
فجاوب القاضي أبو القاسم بن سراج وكان أحد المشاورين: الذي عيه كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أن الطلاق للرجال والعدة للنساء، إلا ما وقع فيه تخيير أو تمليك فذلك بيد المرأة بما جعله الزوج إليها ووضعه بيدها، وما سوى ذلك مما فيه حكم الحاكم فالطلاق إليه، قال الله جل ذكره:(فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها) فالطلاق إليهما وقال تبارك اسمه (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر) فالطلاق إليه عند