الباب – قول مالك في سماع ابن القاسم فيمن غاب عن امرأته إلى موضع يعرف ويبعث إليها بنفقتها وأمرها، وقال: أما الحين فإني أرى أن يحتبس عنها ويبعث بنفقتها إليها. قال ابن القاسم في مساع عيسى: الحين الأمد القريب فيما السنتين والثلاث، وأما إذا تطاول ذلك فأرى أن يقضي لها على له فلم ير السنتين والثلاث في هذه المسألة طولاً، فكيف بسنة ونص؟! ومع ذلك فلا يقع في وهم متوهم منصف أن تكون المرأة تنتظره مدة يطلقها دونها ويعجل فراقها قبلها، ويس قولها: إنما أسلفته استدامة لصحبته وجميل عشرته من باب الحرام، فيقال: القول قول الزوج لأنه مدعي الحلال؛ إذ ليس في دعواها تلك إنما ادعت أنها أنظرته لوجهه فها وجهه، فإذا قد حال بينها وبينه الطلاق فلها الرجوع في الإنطار. وكذل قال ابن عمر في ذكره أقسام السلف، فسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فليس لك إلا وجه صاحبك.
وقد يوجد في مسائلنا ما يقيل فيه قول مدعي الحرام إذا كان ما ادعاه معروفًا في البلد، كما أن دعوى المرأة في هذا متعارف، ويس فيه حرام.
هذا كله على نصه جمعته حينئذ في ورقة كاغد، وحملتها إلى ابن عتاب، وصارت عنده قبل فصول جوابه في المسألة، ورأيت جوابه بعد ذلك، وقد ذلك فيه التي ذكرتها من رسم بشرب خمرًا.
وقال ابن شهاب في آخر السفر الثالث من البخاري فيمن قال لامرأته: هبي لي بعض صداقك أو كله ثم لم يمكث إلا يسيرًا حتى طلقها، فرجعت فيه، قال: يرد إليها إن كان خلبها، وإن كانت أعطته عن طيب نفس منها ليس في شيء من أمره خديعة جاز؛ قال الله عز وجل:(فَإن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)(النساء: ٤)، وفي هذا دليل ما قلناه إن شاء الله تعالى.
وكان ابن مالك قد وافقه في تعجيل السللف للمرأة، وأخبرني بذلك واستدل على صحته بما في سماع أصبغ عن ابن القاسم فيمن أعطى امرأته عطاء بعد دخوله بمها فألقى النكاح مفسوخًا ففرق بينهما، قال: له الرجوع فيما أعطاها؛ لأنه أعطاها على الثبات والغنى عنه والجمال لنكاحه والعشرية بينهما فيه، فلم يقر عليه، وذلك إذا كان الفسخ بحدثان العطية، فأما إن كان زمان ذلك قد طال السنتين والسنين قبل الفسخ ثم فسخ، فلا أرى له فيه شيئًا، وإن أدركه بعينه كالخادم بعينه والمنزل بعينه؛ لأن الذي أعطى قد