وقد كتبنا – أكرم الله القاضي – ما قاله أعلام أهل المدينة وأهل مصر، وما اجتمعوا عليه واختلفوا فيه، وفي قول جميعهم ما يدل على ما قلنا من جواز القسمة ونفي البيع، فالذي روي في كتب أسد هي من كلام مالك وابن القاسم كالموطأ.
وحدثني العتبي عن سحنون قال: قلت لابن القاسم: ما قول مالك في البيت الصغير؟ وساق ابن لبابة المسألة وقول مالك في الأرض على ما في مختلطة المدونة، واختصرته لأني قد كتبته.
ثم قال: عن سحنون عن ابن القاسم: وأنا أرى أن كل ما لا ينقسم من الدور والمنازل والأرضين والحمامات وغيرها مما في قسمة ضرره، ولا يكون فيما يقسم منه منتفع؛ أنه يباع ويقسم ثمنه على الفرائض؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "لا ضرر ولا ضرار (١) " فهذا ضرار.
قال ابن وهب: وسمعت مالكًا يقول في رجال ورثوا من أبيهم منزلاً، ولأبيهم امرأة، فأرادت المرأة أن تبيع ذلك المنزل لتعطي ثمنها من ثمنه – قال: ليس لها ذلك، ولكن لها حظها من ذلك المنزل، يقسم لها فتصنع به ما شاءت، وليس يجبر أحد على بيع ما ورث من بيت، صلح فيه القسم أو لم يصلح، ولكنه يقسم لكل واحد نصيبه من ذلك المنزل أو يتراضون بينهم على ما يريدون.
قال سحنون: قلت للأشهب: أرأيت الحمام يقسم إذا دعا أحد الشريكين إلى القسمة؟ قال: نعم، ذلك عليه أن يقاسمه، وقد قال مالك في الحمام وغيره مما هو أعظم ضررًا من الحماك: البيت يقسم بين العشرة حتى يصير لأحدهم ما لا ينتفع به كثيرًا. وقد قال الله تبارك وتعالى:(مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا)(النساء: من الآية ٧) وأخبرني مالك أنه عمل بذلك أهل المدينة حتى صار لبعضهم ما لا ينتفع به في قسمة.
وروي مطرف بن عبد الله أن مالكا كان يقول في الأرض يرثها الورثة فتضيق عليهم لقلتها وكثرتهم: إنها تقسم بينهم، قلت أو كثرت، حملت القسم أو لم تحمل، وإن لم يكن إلا قدر مزود، ويقول: قال الله تبارك وتعالى: {مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا}(النساء: من الآية ٧).