للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٣٥ - عن جبير بن نفير قال: (كنت في حلقة فيها أصحاب رسول الله ، وإني لأصغرُ القوم، فتذاكروا الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر، فقلت أنا: أليس الله يقول في كتابه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥]. فأقبلوا عليَّ بلسانٍ واحدٍ وقالوا: تَنزِع بآيةٍ من القرآن لا تعرفها ولا تدري ما تأويلها! حتى تمنّيتُ أني لم أكن تكلمت. ثم أقبلوا يتحدثون، فلما حضر قيامُهم قالوا: إنك غلامٌ حدَثُ السّنِّ، وإنك نزَعْت بآيةٍ لا تدري ما هي، وعسى أن تُدرك ذلك الزمان، إذا رأيت شُحًّا مطاعًا، وهوىً متّبَعًا، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيه، فعليك نفسَك، لا يضرّك من ضلَّ إذا اهتديت) (١).

١٣٦ - عن أبي العالية قال: (كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فكان بين رجلين ما يكون بين الناس، حتى قام كلُّ واحد منهما إلى صاحبه، فقال رجلٌ من جلساء عبد الله: ألا أقوم فآمرهما بالمعروف وأنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه: عليك بنفسك؛ فإن الله يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥]. قال: فسمعها ابنُ مسعود، فقال: مَهْ! لم يجئ تأويلُ هذه الآية بعدُ، إن القرآن أُنزل حيث أُنزل ومنه آيٌ قد مضى تأويلهن قبل أن يَنزلن، ومنه ما وقع تأويلهن على عهد النبي ، ومنه آيٌ قد وقع تأويلهن بعد النبي بيسير، ومنه آيٌ يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آيٌ يقع تأويلهن عند الساعة على ما ذُكر من أمر الساعة، ومنه آيٌ يقع تأويلهن يوم الحساب على ما ذُكر من أمر الحساب والجنة والنار، فما دامت قلوبكم واحدة، وأهوائكم واحدة، ولم تلبسوا شيَعًا، ولم يَذقْ بعضُكم بأس بعض، فأمُروا وانهوا، فإذا اختلفت القلوبُ والأهواء، وأُلبستم شيَعًا، وذاق بعضُكم بأس بعض، فامرؤٌ ونفسه، فعند ذلك جاء تأويلُ هذه الآية) (٢).


(١) جامع البيان، لابن جرير ٩/ ٤٦.
(٢) جامع البيان، لابن جرير ٩/ ٤٦.

<<  <   >  >>