للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٢ - ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤]. قال ابن شوذب: (جلس الحسن مع أصحابه على مائدة، فقال بعضهم: هذه المائدة تسبح الآن. فقال الحسن: كلا، إنما ذاك كلّ شيءٍ على أصله) (١).

٢٥٣ - ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً﴾ [الإسراء: ٤٧]. قال ابنُ قتيبة: (قال أبو عبيدة: يريدون بشراً ذا سَحْرٍ؛ ذا رِئَةٍ (٢). ولستُ أدري ما اضطره إلى هذا التأويل المُستكرَه؟! وقد سَبَقَ التفسيرُ من السلف بما لا استكراهَ فيه، قال مجاهد في قوله ﴿رَجُلاً مَّسْحُوراً﴾ [الإسراء: ٤٧]: أي: مخدوعًا. لأن السِّحْرَ حِيلةٌ وخَديعةٌ. وقالوا في قوله ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٩]: أي: من تخدعون؟ ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٣] أي: المُعلَّلين. وقال امرؤ القيس:

ونُسْحَرُ بالطَّعَامِ وبالشَّرَاب

أي: نُعَلَّلُ فَكَأنا نُخدَع. وقال لبيد:

فإن تَسْأَلِينا فِيمَ نحنُ؟ فإننا … عَصافِيرُ من هذا الأنامِ المُسَحَّرِ

أي: المُعَلَّل. والناس يقولون: سَحَرْتني بكلامك. يريدون: خَدَعتَني. وقوله ﴿انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ﴾ [الإسراء: ٤٨] يدلُّ على هذا التأويل؛ لأنهم لو أرادوا رجلًا ذا رِئَةٍ لم يكن في ذلك مثلٌ ضربوه، ولكنهم لمَّا أرادوا رجلًا مخدوعًا كأنه بالخديعة سُحِر كان مثلًا ضربوه، وتشبيهًا شبَّهوه. وكأنَّ المشركين ذهبوا إلى أن قومًا يعلِّمونه ويخدعونه، وقال الله في موضع آخرَ حكايةً عنهم: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: ١٠٣]، وقول فرعون: ﴿إِنِّي لأَظُنُّكَ يَامُوسَى


(١) الدر المنثور، للسيوطي ٥/ ٢٥٦.
(٢) ينظر: مجاز القرآن ١/ ٣٨١.

<<  <   >  >>