للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٩ - قال أسلم أبي عمران: (غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبةُ بن عامر، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، قال: فصَفَفْنا صفين لم أَرَ صفين قَط أعرضَ ولا أطولَ منهما، والروم مُلصِقون ظهورَهم بحائط المدينة، قال: فحمل رجلٌ منَّا على العدوّ، فقال الناس: مَهْ، لا إله إلا الله! يلقي بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب الأنصاري : أيها الناس إنكم تتأوّلون هذه الآية هكذا؛ أن حمل رجلٌ يقاتلُ يلتمس الشهادة، أو يبلي من نفسه! إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنا لمّا نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا بيننا معشر الأنصار سرًّا من رسول الله: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنَّا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها. فأنزل الله في كتابه يردُّ علينا ما هممنا به ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]، فالإلقاء باليد إلى التهلكة: أن نُقيمَ في أموالنا ونصلحَها، وندعَ الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية) (١).

٢٠ - ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]. قال أبو إسحاق: (قلت للبراء بن عازب : الرجل يحملُ على المشركين أهو ممّن ألقى بيده إلى التَّهلكة؟ فقال: لا، لأن الله ﷿ بعث رسوله فقال: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ﴾ [النساء: ٨٤]، إنَّما ذاك في النفقة) (٢).

٢١ - قال أبو إسحاق: (سمعتُ البراء، وسألَه رجلٌ فقال: يا أبا عمارة أرأيت قول الله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥] أهوَ الرجلُ يتقدَّم فيقاتلُ حتى يُقتل؟ قال: (لا، ولكنَّه الرجل يعمل بالمعاصي، ثم يلقي بيَده ولا يتوب) (٣).


(١) جامع البيان، لابن جرير ٣/ ٣٢٢. وينظر: استدراكات السلف في التفسير (ص: ٢٢٤).
(٢) الدر المنثور، للسيوطي ٢/ ٥٦٢.
(٣) جامع البيان، لابن جرير ٣/ ٣٢٠.

<<  <   >  >>