للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قيل لأبي الدَّرْدَاء: فلَان أعتق مائَة رَقَبَة. فَقَالَ: إِيمَان ملزوم وَلِسَانك رطب بِذكر الله أفضل من ذَلِك، وَالْقلب الخاشع هُوَ الَّذِي مَاتَت شهواته فذلت النَّفس لله وبرئت من الْكبر وَالْعجب وسيئ الْأَخْلَاق وخشع الْقلب بِمَا طالع من جلال الله الْملك الْحق وعظمته، وَالْعلم النافع هُوَ الَّذِي تمكن فِي الصَّدْر وتصور وانشرح بِهِ الْقلب وتنور، وَذَلِكَ أَن النُّور إِذا أشرق فِي الْقلب فصغرت الأمورحسنها وسيئها كل مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَوَقع لذَلِك ظلّ الصَّدْر هُوَ صُورَة الْأُمُور فَيَأْتِي حسنها ويجتنب سيئها، فَذَلِك الْعلم النافع من نور الْقلب خرجت تِلْكَ المعالم إِلَى الصُّدُور وَهِي عَلَامَات الْهدى وَمَا تعلمه قبل ذَلِك هُوَ علم اللِّسَان إِنَّمَا هُوَ شَيْء قد استودع الْحِفْظ والشهوة غالبة عَلَيْهِ، وَإِذا غلبت عَلَيْهِ أذهبت بضلمتها ضوءه فَلَا يكون بِهِ منتفع، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من علم لَا ينفع وقلب لَا يخشع وَدُعَاء لَا يسمع وَنَفس لَا تشبع، نَعُوذ بك من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَع ونسألك علما نَافِعًا وَعَملا صَالحا متقبلاً وَرِزْقًا وَاسِعًا حَلَالا وعمراً طَويلا مُبَارَكًا، ونسألك الْعَافِيَة فِي الدّين وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِرَحْمَتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ أبسط علينا رحمتك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وانشر علينا رحمتك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة واتمم علينا نِعْمَتك يَا أكْرم الأكرمين، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك عَيْشًا قاراً وَعَملا باراً وَرِزْقًا دَارا وعافية كَامِلَة ونعمة شَامِلَة فَإِنَّهُ لَا غنى لنا عَن خيرك وبركتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ صلِّ وَسلم على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك النَّبِي الْأُمِّي الحبيب العالي الْقدر الْعَظِيم الجاه عدد ذرات الكونين وأنفاس الثقلَيْن، وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ آمين. وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك الْعَفو والعافية وَالْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة لنا ولوالدينا وَأَوْلَادنَا وإخواننا وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين، وخصوصاً المحبين والمعتقدين وَأَن تَنْفَع بِهَذَا التَّأْلِيف من كتبه أَو قَرَأَهُ أَو حصله أَو سعى فِي شَيْء مِنْهُ بِفَضْلِك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ. يَا رب الْعَالمين أَنْت ولينا ومولانا وَنعم الْمولى وَنعم النصير، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك، عَلَيْك توكلت وَإِلَيْك أنيب وَلَا ملْجأ لي مِنْك إِلَّا إِلَيْك، فَاغْفِر بِفَضْلِك مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا علمت يداي وَمَا سطرته الحفظه عَليّ يَا كريم الصفح يَا عَظِيم الْمَنّ يَا حسن التجاوز يَا خير المسؤولين. وَيَا أكْرم المعطين، اللَّهُمَّ شفع فِينَا سيدنَا ومولانا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم. قَالَ مُقَيّد هَذَا الشَّرْح الْمُبَارك عَليّ بن عبد السَّلَام التسولي السبراري: هَذَا آخر مَا قصدناه من شرح هَذَا النّظم الْمقسم، فَالْحَمْد لله على مَا أنعم وألهم فجَاء شرحاً موفياً للمرام جَامعا إِن شَاءَ الله لأشتات الْمسَائِل الَّتِي يكثر نُزُولهَا بَين الْحُكَّام ينْتَفع بِهِ البادي ويستحسنه الشادي، وَهَا أَنا أختمه أَيْضا اقْتِدَاء بمؤلفه رَحمَه الله بِالْحَمْد لله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدد مَا ذكره الذاكرون وغفل عَن ذكره الغافلون، وَعدد مَا فِي علم الله من يَوْم خلق الدُّنْيَا إِلَى قيام السَّاعَة وأحمده تَعَالَى بِجَمِيعِ محامده كلهَا مَا علمت مِنْهَا وَمَا لم أعلم على نعمه كلهَا مَا علمت مِنْهَا وَمَا لم أعلم حمداً يوافي نعمه ويكافىء مزيده، لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْهِ كَمَا هُوَ أثنى على نَفسه، وأسأله تَعَالَى أَن ينفع بِهِ من كتبه أَو طالعه أَو سعى فِي شَيْء مِنْهُ كَمَا نفع بِأَصْلِهِ نفعا يَدُوم بدوام الله مدده، وَيبقى لآخر الْأَبَد مدده، وَأَن يَجعله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم مُوجبا للخلود مَعَ الْأَحِبَّة وَالْمُسْلِمين فِي جنَّة النَّعيم بجاه عين الرَّحْمَة الْوَاسِطَة فِي كل نعمه سيدنَا مُحَمَّد الْمُصْطَفى الْكَرِيم الْقَائِل: توسلوا بجاهي فَإِن جاهي عِنْد الله عَظِيم، وأعتذر لِذَوي الْأَلْبَاب من الْخلَل الْوَاقِع فِيهِ فينظرونه بِعَين الرِّضَا، ويتأولون مَا بِهِ الْقَلَم طَغى من لفظ لَا يحاكيه وَلَا يدانيه أَو معنى لَا يوافيه وَلَا يجاريه وَالله يجازي الْجَمِيع على نِيَّته بِخَير الدَّاريْنِ خير الدُّنْيَا وَخير الْآخِرَة وَيَعْفُو عَمَّا اقترفه الْكل عفوا يُحِيط بِالذنُوبِ الْمُتَقَدّمَة والمتأخرة، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جواد كريم لَا تَنْفَعهُ طَاعَة وَلَا تضره مَعْصِيّة وَلَا ينقص ملكه بمجاوزته عَن عبد مثلي عَظِيم الْفِرْيَة، اللَّهُمَّ رب كل شَيْء وَولي كل شَيْء وقاهر كل شَيْء وفاطر كل شَيْء، والعالم بِكُل شَيْء، وَالْحَاكِم على كل شَيْء، والقادر على كل شَيْء، بقدرتك على كل شَيْء اغْفِر لي وَلمن نظر فِي هَذَا الْكتاب وَالْمُسْلِمين كل شَيْء. وهب لنا وَلَهُم كل شَيْء، وَلَا تسألنا عَن شَيْء وَلَا تحاسبنا بِشَيْء إِنَّك على كل شَيْء قدير، وبالإجابة جدير، وَيرْحَم الله عبدا يَقُول: آمين وَسَلام على كَافَّة رسل الله أَجْمَعِينَ، وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَوَافَقَ الْفَرَاغ من تأليفه يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر شَوَّال عَام سِتَّة وخسمين وَمِائَتَيْنِ وَألف.

<<  <  ج: ص: