أَي: والموضوع بِحَالهِ من اتِّفَاق الْجِنْس وَالصّفة وَالْقدر، فَمنع ذَلِك ابْن الْقَاسِم مُطلقًا تأخرا مَعًا أَو الْقَرْض أَو السّلم وَهُوَ الْمَشْهُور، وَأَجَازَ ذَلِك أَشهب مُطلقًا (ثالثهما) لغَيْرِهِمَا تجوز (مَعَ سلم) من نَعته وَصفته (قد حانا) أَي: وصل حِينه وَالْفرق على هَذَا الثَّالِث أَن طَعَام السّلف لما كَانَ الْمَدِين قَادِرًا على تَعْجِيله جبرا على ربه، وَقد حل دين السّلم أَي البيع صَار الدينان حَالين مَعًا فِي الْمَعْنى بِخِلَاف الْعَكْس، وَعلة الْمَنْع عِنْد ابْن الْقَاسِم أَن الْأَغْرَاض تخْتَلف باخْتلَاف الْأَجَل فيترجح جَانب بيع الطَّعَام قبل قَبضه بِالنِّسْبَةِ لطعام البيع، وَلِأَن الْمُعَجل لما فِي الذِّمَّة مسلف، وَعلة الْجَوَاز عِنْد أَشهب تَغْلِيب الْمَعْرُوف، وَإِنَّمَا لم ينظر فِي صُورَة حلولهما مَعًا لبيع الطَّعَام قبل قَبضه بِالنِّسْبَةِ لطعام البيع تَغْلِيبًا لجَانب الْقَرْض لِأَنَّهُ مَعْرُوف وانضم لذَلِك أَن الْمُقَاصَّة مَعْرُوف أَيْضا فجازت هَذِه الصُّورَة على كل قَول، فَقَوْل النَّاظِم: واتفاق النَّوْع إِمَّا أَن يُرِيد بالنوع الْجِنْس فَيكون قد حذف الْوَاو ومعطوفيها أَي وَالصّفة وَالْقدر، وَإِمَّا أَن يكون أَرَادَ بالنوع الصّفة فَيكون قد حذف الْوَاو ومعطوفاً وَاحِدًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ إِذْ الِاتِّفَاق فِي الْجِنْس وَالْقدر لَا بُد مِنْهُ لِأَنَّهُمَا لَو اخْتلفَا قدرا ودخلا على إِلْغَاء الزَّائِد لم يجز، وَلَو حلا لربا الْفضل كَمَا لَا يجوز إِذا اخْتلفَا جِنْسا أَو صفة، وَلَو حلا واتفقا قدرا، وَقد علمت من هَذَا أَن مَنْطُوق النَّاظِم شَامِل لثلاث صور: حكى الْجَوَاز فِي وَاحِدَة مِنْهَا اتِّفَاقًا، وَحكى الْخلاف فِي الصُّورَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ كَمَا مر، وَمَفْهُوم قَوْله: واتفاق النَّوْع أَي الْجِنْس أَنَّهُمَا إِذا اخْتلفَا فِيهِ أَو فِي الصّفة أَو فِي الْقدر ودخلا على إِلْغَاء الزَّائِد لم تجز وَلَو حلا وَذَلِكَ شَامِل لتسْع صور لِأَنَّهُمَا فِي اخْتِلَاف الْجِنْس إِمَّا أَن يحلا أَو أَحدهمَا أم لَا. وَمثلهَا فِي اخْتِلَاف الصّفة، وَمثلهَا فِي اخْتِلَاف الْقدر حَيْثُ دخلا على إِلْغَاء الزَّائِد وَكلهَا مَمْنُوعَة، وَلَو حلا كَمَا أَشَارَ لذَلِك (خَ) بقوله: وَمن قرض وَبيع تجوز إِن اتفقَا وحلاّ لَا إِن لم يحلا أَو أَحدهمَا الخ ... فَتحصل أَن الاثنتي عشرَة صُورَة الْجَارِيَة فِي طَعَامي البيع وَالْقَرْض تجوز مِنْهَا صُورَة وَاحِدَة وَمَا عَداهَا مَمْنُوع إِمَّا اتِّفَاقًا أَو على الْمَشْهُور.
(فصل فِي الْحِوَالَة)
مَأْخُوذَة من التَّحَوُّل عَن الشَّيْء لِأَن الطَّالِب تحول من طلبه لغريمه إِلَى غَرِيم غَرِيمه قَالَه عِيَاض، وَالْأَصْل فِيهَا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (مطل الْغَنِيّ ظلم، وَمن أتبع أحدكُم على مَلِيء فَليتبعْ) . عِيَاض: الصَّوَاب تسكين التَّاء يَعْنِي فِي اللفظتين قَالَ: وَبَعض الْمُحدثين والرواة يشددها. يُقَال: تبِعت فلَانا بحقي وَأَنا أتبعه سَاكِنة التَّاء، وَلَا يُقَال أتبعه بِفَتْحِهَا وتشديدها إِلَّا من الْمَشْي خَلفه. قَالَ: وَالْأَمر فِيهَا للنَّدْب عِنْد أَكثر شُيُوخنَا، وَحملهَا بَعضهم على الْإِبَاحَة لما أشبهت بيع الدّين بِالدّينِ. قَالَ: وَهِي عِنْد أَكثر شُيُوخنَا مُسْتَثْنَاة من الدّين بِالدّينِ وَبيع الْعين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute