(بَاب الطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَمَا يتَعَلَّق بهما)
وَالطَّلَاق لُغَة حل الوثاق يُقَال: أطلق الْفرس والأسير، وَفِي الشَّرْع رفع الْقَيْد الثَّابِت شرعا بِالنِّكَاحِ فَخرج بقوله: شرعا الْقَيْد الْحسي وَهُوَ حل الوثاق، وَبِقَوْلِهِ بِالنِّكَاحِ الْعتْق فَإِنَّهُ رفع قيد ثَابت شرعا لكنه لم يثبت بِالنِّكَاحِ قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ. وَقَالَ ابْن عَرَفَة: الطَّلَاق صفة حكمِيَّة ترفع حلية مُتْعَة الزَّوْج بِزَوْجَتِهِ مُوجب تكررها مرَّتَيْنِ للْحرّ وَمرَّة لذِي الرّقّ حرمتهَا عَلَيْهِ قبل زوج اه. فَقَوله: صفة جنس، وَقَوله حكمِيَّة أخرج بِهِ الصِّفَات الحسية لِأَن الطَّلَاق معنى تقديري اعتباري يقدره الشَّرْح وَالْعقل ويعتبره لَا حسي كَذَا تلقينا من بعض الْأَشْيَاخ، وَخرج بقوله: ترفع حلية الخ، الطَّهَارَة وَالْقَضَاء وَنَحْوهمَا. وَقَوله حلية لَا بُد من ذكرهَا لِأَن الْمُتْعَة لَا ترفع، وَإِنَّمَا يرفع الْمُتَعَلّق بهَا وَهُوَ الْحِلْية. وَبِقَوْلِهِ بِزَوْجَتِهِ حلية الْمُتْعَة بغَيْرهَا كالأمة. وَبِقَوْلِهِ مُوجب تكررها الخ. رفع الْحِلْية بهَا بِالدُّخُولِ فِي الْإِحْرَام بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة أَو بِالدُّخُولِ فِي الِاعْتِكَاف أَو الصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك. فَقَوله: مُوجب بِالرَّفْع صفة للصفة جرت على غير من هِيَ لَهُ. وَفِي بعض النّسخ بِالنّصب على الْحَال من صفة أَو من ضمير ترفع وَأما الرّجْعَة بِكَسْر الرَّاء فِي اسْتِعْمَال الْفُقَهَاء، وَفِي اللُّغَة بِالْفَتْح وَالْكَسْر فَقَالَ ابْن عَرَفَة: هِيَ رفع الزَّوْج أَو الْحَاكِم حُرْمَة الْمُتْعَة بِالزَّوْجَةِ بِطَلَاقِهَا فَتخرج الْمُرَاجَعَة لِأَن الرّجْعَة من الطَّلَاق الرَّجْعِيّ، والمراجعة من الْبَائِن، وَلذَلِك يعبرون فِيهَا بالمفاعلة الَّتِي لَا تكون إِلَّا من اثْنَيْنِ فِي الْغَالِب وَأدْخل بقوله: أَو الْحَاكِم صُورَة مَا إِذا طلق فِي الْحيض وَامْتنع من الرّجْعَة فَإِن الْحَاكِم يرتجعها لَهُ جبرا عَلَيْهِ وَيجوز لَهُ بهَا الْوَطْء كَمَا يَأْتِي فِي قَول النَّاظِم: وموقع الطَّلَاق دون طهر الخ. وَخرج بقوله حُرْمَة الخ. رفع الْحِلْية فَإِنَّهُ نفس الطَّلَاق كَمَا مر. وَبِقَوْلِهِ: بِطَلَاقِهَا الْمُتَعَلّق بِحرْمَة رفع حُرْمَة الظِّهَار بالتكفير، ثمَّ إِن الطَّلَاق على قسمَيْنِ: سني وبدعي، فالسني مَا اجْتمعت فِيهِ شُرُوط أَرْبَعَة وَمهما اخْتَلَّ وَاحِد مِنْهَا أَو كلهَا فبدعي كَمَا أَشَارَ لذَلِك النَّاظِم بقوله: مِنَ الطَّلاقُ الطَّلْقةُ السُّنِّيَّهْ إنْ حَصَلَتْ شُرُوطُها المَرْعيَّهْ (من الطَّلَاق) خبر مقدم (الطَّلقَة) مُبْتَدأ (السّنيَّة) نعت لَهُ (إِن حصلت) شَرط حذف جَوَابه للدلالة عَلَيْهِ (شُرُوطهَا) فَاعل (المرعية) نعت. وَهْيَ الوُقُوعُ حَالَ طُهْرٍ وَاحِدَهْ مِنْ غَيْرِ مَسَ وَارْتِدَافٍ زَائِدَهْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute