الطَّالِب لَهُ هُوَ الدَّافِع فَإِن قُلْنَا: إِن الدَّافِع لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَو ظَهرت سخطَة بشاهديها بعد قبض الْوَكِيل وهروبه أَو إفلاسه كَمَا هُوَ ظَاهر كَلَامهم لِأَنَّهُ دفع بِحكم، والمصيبة من الْمُوكل فَلَا حق للدافع فِي الْإِعْذَار بِلَا إِشْكَال، وَإِن قُلْنَا بضمانه فَكيف لَا يعْذر لَهُ إِذا طلبه ابْتِدَاء وانتهاء. بل استظهر ابْن رحال فِي شَرحه وجوب الْإِعْذَار لَهُ مَعَ عدم الضَّمَان قَائِلا لِأَنَّهُ قَائِم مقَام الْمُوكل فِي ذَلِك وَأما إِن قَالَ: لَا أدفَع المَال حَتَّى يعْذر إِلَى الْمُوكل فَفِي ابْن سَلمُون: إِن قربت غيبَة الْمُوكل كالثلاثة فدون كتب إِلَيْهِ وَإِن بَعدت الْغَيْبَة حكم عَلَيْهِ بِالدفع، وَحِينَئِذٍ فَمن نفى الْإِعْذَار فِيهَا مُرَاده إِذا طلب الْغَرِيم الْإِعْذَار لنَفسِهِ مُطلقًا أَو لرب الْحق مَعَ بعد الْغَيْبَة كَمَا ترى، وَهَذَا كُله إِذا ثبتَتْ الْوكَالَة عِنْد القَاضِي، وَأما إِن لم تثبت واعترف الْغَرِيم بِصِحَّتِهَا فَحكم عَلَيْهِ الْحَاكِم بِالْأَدَاءِ ثمَّ تبين عدم صِحَّتهَا وَقد هرب الْوَكِيل أَو فلس فعلى الدَّافِع الْغرم والمصيبة مِنْهُ لِأَنَّهُ غَار لنَفسِهِ باعترافه كَمَا نَص عَلَيْهِ ابْن فَرِحُونَ فِي الْقَضَاء بالإمارات هَذَا تَحْرِير الْمَسْأَلَة فِيمَا يظْهر وَلم أَقف عَلَيْهِ محرراً هَكَذَا وَالله أعلم.
(فصل فِي خطاب الْقُضَاة)
وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّيْخ (م) أَن يكْتب قَاضِي بلد إِلَى قَاضِي بلد آخر بِمَا ثَبت عِنْده من حق الْإِنْسَان فِي بلد القَاضِي الْكَاتِب على آخر فِي بلد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ ليحكم عَلَيْهِ هُنَالك عملا بقوله: وَالْحكم فِي الْمَشْهُور حَيْثُ الْمُدعى عَلَيْهِ الخ ... وَهَذَا التَّعْرِيف لَا يَشْمَل الإنهاء بالمشافهة مَعَ أَنه خطاب فَهُوَ غير منعكس، لَكِن لما لم يتَعَرَّض المُصَنّف لَهُ دَاخل الْفَصْل اقْتصر على تَعْرِيفه بِمَا ذكر، وَهُوَ يَشْمَل الإنهاء بِالْكِتَابَةِ وَالْخطاب على الرسوم الَّذِي اقْتصر عَلَيْهِ النَّاظِم هَهُنَا. (وَمَا يتَعَلَّق بِهِ) من التَّعْجِيز والبشر وَنَحْوهمَا. ثُمَّ الخِطابُ لِلرُّسُومِ إنْ طُلِبْ حَتْمٌ عَلَى القاضِي وإلَاّ لَمْ يَجِبْ (ثمَّ) هِيَ للتَّرْتِيب الإخباري (الْخطاب) من قَاض لآخر بِمَا ثَبت عِنْده من صِحَة الرَّسْم وعدالة شاهديه، وَهُوَ مُبْتَدأ (للرسوم) فِيهَا أَو عَلَيْهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: ويخرون للأذقان} (الْإِسْرَاء: ١٠٩) أَي عَلَيْهَا وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} (الْأَنْبِيَاء: ٤٧) أَي فِيهِ يتَعَلَّق بِالْخِطَابِ (إِن طلب) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول شَرط أَي إِن طلبه الْخصم من القَاضِي (حتم) خبر وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف للْعلم بِهِ مِمَّا قبله كَقَوْلِه: أَنْت ظَالِم إِن فعلت لِأَن رُتْبَة قَوْله: حتم التَّقْدِيم (على القَاضِي وَإِلَّا) يَطْلُبهُ الْخصم من القَاضِي (لم يجب) عَلَيْهِ وَلَا مَفْهُوم للرسوم بل بالمشافهة، كَذَلِك حَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute