(بَاب التَّبَرُّعَات)
الْحَبْس وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَمَا يتَّصل بهَا من الْعُمْرَى والإرفاق والحيازة، قَالَ الغرناطي: تذكر فِي الْوَثِيقَة تَسْمِيَة الْمحبس والمحبس عَلَيْهِ وَالْحَبْس وموضعه وتحديده والمعرفة بِقَدرِهِ وتوليته الْحِيَازَة لِبَنِيهِ الصغار إِلَى أَن يبلغُوا مبلغ الْقَبْض وَعقد الْإِشْهَاد عَلَيْهِ وَمَعْرِفَة الشُّهُود لملك الْمحبس، فَإِن كَانَ سَاكِنا فِيهِ ضمنت مُعَاينَة الشُّهُود لإخلائه إِلَّا أَن يحبس بِكُل مَا فِيهَا فَلَا يحْتَاج إِلَى إخلائها وَإِن كَانَ الْمحبس عَلَيْهِ مَالِكًا أمره ذكرت قَبضه للحبس ونزوله فِيهِ وقبوله وضمنت مُعَاينَة الْقَبْض، وَكَذَا تعقد فِي الصَّدقَات والهبات اه. قلت: أما تَسْمِيَة الْمحبس والمحبس عَلَيْهِ وَالشَّيْء الْمحبس فَهِيَ أَرْكَان لَا بُد من ذكرهَا فَإِن سقط وَاحِد من الأول وَالثَّالِث بَطل، وَإِن سقط الْمحبس عَلَيْهِ وَقَالَ: دَاري حبس وَسكت فَإِنَّهُ يَصح وَتَكون وَقفا على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين عِنْد مَالك كَمَا فِي الْبُرْزُليّ، وَأما تحديده فَسَيَأْتِي عِنْد قَوْله: ونافذ تحبيس مَا قد سكنه. أَنه شَرط فِي الحكم بِهِ لَا فِي صِحَة التحبيس، وَأما معرفَة قدره فَإِنَّهُ مَحْمُول على مَعْرفَته بل هبة الْمَجْهُول أَو تحبيسه جَائِز، وَأما تَوليته الْحِيَازَة لِبَنِيهِ فسقوطه من الْوَثِيقَة لَا يضر كَمَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيه الثَّالِث عِنْد قَوْله: ونافذ تحبيس مَا قد سكنه، وَأما عقد الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فَهُوَ شَرط فِي الصَّغِير وَالْكَبِير كَمَا يَأْتِي فِي الْمحل الْمَذْكُور أَيْضا، وَأما معرفَة الشُّهُود لملك الْمحبس فَإِن عدم ذكره لَا يضر كَمَا مر فِي شَهَادَة السماع. نعم هُوَ شَرط فِي اسْتِحْقَاق الْملك بِالْحَبْسِ كَمَا مرّ هُنَاكَ، وَانْظُر مَا تقدم فِي البيع على الْغَائِب أَيْضا إِن شِئْت، وَأما معرفَة صغر الْبَنِينَ فَسَيَأْتِي أَيْضا فِي شرح الْبَيْت الْمُتَقَدّم، وَأما مُعَاينَة الشُّهُود للإخلاء فَهُوَ قَول النَّاظِم: وَمن يحبس دَار سكناهُ الخ، وَأما قبض الْمَالِك أمره فَهُوَ شَرط كَمَا يَأْتِي فِي قَوْله: والحوز شَرط صِحَة التحبيس الخ. وَأما قبُوله فَإِنَّهُ لَا يضر سُقُوطه كَمَا يَأْتِي عِنْد قَوْله: وَلمن سيوجد الخ. ثمَّ قَالَ أول وَثِيقَة النِّكَاح: وَلَا بُد من ذكر الصِّحَّة أَي صِحَة الْعَاقِد فِي النِّكَاح والهبات وَالصَّدقَات والأحباس وكل مَا لَيْسَ فِيهِ عوض اه. وَمُقْتَضَاهُ أَن القَوْل لمُدعِي الْمَرَض عِنْد النزاع وَلَيْسَ كَذَلِك كَمَا مرّ عِنْد قَوْله: وَقدم التَّارِيخ تَرْجِيح الخ. ثمَّ إِن الْوَقْف سنة قَائِمَة عمل بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون من بعده. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ) اه. وَقد اتَّفقُوا على جَوَاز تحبيس الْمَسَاجِد والقناطر والطرق والمقابر، وَإِنَّمَا خَالف أَبُو حنيفَة فِي لُزُوم تحبيس غير مَا ذكر لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute