الْمَسْأَلَة السَّابِقَة الْمشَار إِلَيْهَا بقوله: وَمَا امْرُؤ بِزَوْجَة الخ. فَإِنَّهَا تفارق باختيارها وَلها سَبَب فِيهِ، وَمَعَ ذَلِك تعود لَهَا شُرُوطهَا وَهُوَ معنى قَوْله: فَكل مَا تتركه الخ. قلت: مَا قَالَه أَبُو سعيد رَحمَه الله أظهر لِأَن تِلْكَ الشُّرُوط إِن كَانَت حَقًا لله تَعَالَى كَطَلَاق من يَتَزَوَّجهَا أَو عتق من يتسرى بهَا عَلَيْهَا أَو حَقًا لغَيْرهَا كَنَفَقَة الْأَوْلَاد وحضانتهم فَلَا تسْقط قطعا، وَلَا يكون اخْتِيَارهَا الطَّلَاق بِالْخلْعِ سَببا فِي إِسْقَاط تِلْكَ الشُّرُوط عِنْد الْمُرَاجَعَة، وَإِن كَانَت حَقًا لَهَا فَقَط كجعل أمرهَا أَو أَمر الدَّاخِلَة عَلَيْهَا بِيَدِهَا فاختيارها الطَّلَاق بِالْخلْعِ أَيْضا مَسْبُوق بِاخْتِيَارِهِ، فَلِذَا عَادَتْ الشَّرْط بالمراجعة وَيدل على اخْتِيَارهَا الطَّلَاق فِي الْخلْع مَسْبُوق بِاخْتِيَارِهِ مَا قَالُوهُ فِي المختلعة فِي الْمَرَض على مَا مرّ، وَذَلِكَ لِأَن الزَّوْج إِذا أجَاب زَوجته لِلْخلعِ فقد أظهر لَهَا عدم رغبته فِيهَا فَلَا يَسعهَا حِينَئِذٍ إِلَّا بدله لِأَن النِّسَاء يأنفن من الْإِقَامَة عِنْد من أظهر لَهُنَّ الرَّغْبَة عَنْهُن فَلَا يتم الْقيَاس الَّذِي قاسه الجزيري، واستظهره النَّاظِم. وَبِالْجُمْلَةِ لم يتمحض اخْتِيَارهَا فِي الْخلْع بل هُوَ مَسْبُوق بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَاف التمتيع فقد تمحض اخْتِيَاره، وَمن شَرط الْقيَاس الْمُسَاوَاة، وَالله أعلم.
(فصل فِي التداعي فِي الطَّلَاق)
الْفَاء للسَّبَبِيَّة أَي التداعي الْحَاصِل بِسَبَب الطَّلَاق قَالَه (ت) وَهَذَا الْفَصْل هُوَ الْمُسَمّى عِنْد الأقدمين بإرخاء الستور قَالَه الشَّارِح. وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ مِنْ بَعْدِ البِنَا ولاِدِّعاءِ الوَطْءِ رَدَّ مُعْلِنا (وَالزَّوْج) مُبْتَدأ (إِن طلق) شَرط (من بعد الْبَنَّا) ء يتَعَلَّق بِفعل الشَّرْط الْمَذْكُور، وَمرَاده بِالْبِنَاءِ خلْوَة الاهتداء (ولادعاء الْوَطْء) مفعول بقوله (رد) وفاعله ضمير الزَّوْج وَاللَّام زَائِدَة لَا تتَعَلَّق بِشَيْء كَمَا مر، وَالْجُمْلَة معطوفة على جملَة الشَّرْط قبلهَا (مُعْلنا) حَال من فَاعل رد. فالقَولُ قَوْلُ زَوْجَةٍ وَتَسْتَحِقْ بَعْدَ الْيَمِينِ مَهْرَها الّذِي يَحِقْ (فَالْقَوْل قَول زَوْجَة) مُبْتَدأ وَخبر، وَالْجُمْلَة جَوَاب الشَّرْط وَلذَا دخلت الْفَاء (وتستحق) فَاعله ضمير الزَّوْجَة (بعد الْيَمين) يتَعَلَّق بِهِ (مهرهَا) مفعول بِهِ (الَّذِي) صفة لما قبله (يحِق) صلَة الَّذِي والرابط هُوَ الْفَاعِل بيحق، وَالْجُمْلَة من تسْتَحقّ وَمَا بعده معطوفة على جَوَاب الشَّرْط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute