(فصل فِي حكم الْحَوْز)
ذكر خَلِيل وَغَيره مَسْأَلَة الْحِيَازَة آخر الشَّهَادَات لِأَنَّهَا مبينَة لصَاحِبهَا على تَصْدِيق دَعْوَاهُ وَتقدم عِنْد قَوْله: وَالْمُدَّعِي فِيهِ لَهُ شَرْطَانِ الخ ... أَن الدَّعْوَى فِي مَسْأَلَة الْحِيَازَة تسمع ويكلف الْمَطْلُوب بجوابها لَعَلَّه يقر أَو يُنكر فَيحلف، وَقَوْلهمْ: لَا تسمع دَعْوَاهُ وَلَا بَينته الخ ... مَعْنَاهُ لَا تسمع سَمَاعا يُوجب قبُول بَيِّنَة لَا أَنه لَا يُؤمر بِالْجَوَابِ بل يُؤمر بِهِ كَمَا مرَّ. وَتقدم أَيْضا أَن الدَّعَاوَى الَّتِي كلهَا توجب الْيَمين بِدُونِ خلْطَة على الْمَعْمُول بِهِ، وَلَا يسْتَثْنى من ذَلِك إِلَّا الدَّعَاوَى الَّتِي فِيهَا معرة كدعوى السّرقَة وَالْغَصْب على من لَا يَلِيق بِهِ ذَلِك فيؤدب الْمُدَّعِي وَلَا يَمِين على الْمَطْلُوب وَاعْلَم أَن الْحِيَازَة على قسمَيْنِ حِيَازَة مَعَ جهل أصل الْملك لمن هُوَ، وحيازة مَعَ علم أصل الْملك لمن هُوَ فَالْأولى يَكْفِي فِيهَا عشرَة أشهر فَأكْثر كَانَ المحوز عقارا أَو غَيره، وَالثَّانيَِة لَا بُد فِيهَا من عشر سِنِين فَأكْثر فِي الْعقار، أَو عَاميْنِ فَأكْثر فِي الدَّوَابّ وَالْعَبِيد وَالثيَاب كَمَا يَأْتِي، وكل من الحيازتين لَا بُد فِي الشَّهَادَة بِهِ من ذكر الْيَد وَتصرف الْحَائِز تصرف الْمَالِك فِي ملكه وَالنِّسْبَة وَعدم المنازع، وَطول الْمدَّة عشرَة أشهر فِي الأولى وَعشر سِنِين فِي الثَّانِيَة وَعدم التفويت فِي علمهمْ فَلَا تقبل الشَّهَادَة مَعَ فقد هَذِه الْأُمُور أَو وَاحِد مِنْهَا على الْمَعْمُول بِهِ إِلَّا إِن كَانَ من أهل الْعلم كَمَا بَيناهُ فِي حَاشِيَة اللامية، وَهل يشْتَرط زِيَادَة مَال من أَمْوَاله. ابْن عَرَفَة: وَفِي لَغْو شَهَادَة الشَّاهِد فِي دَار بِأَنَّهَا ملك فلَان حَتَّى يَقُول وَمَال من أَمْوَاله وقبولها مُطلقًا: ثَالِثهَا: إِن كَانَ الشُّهُود لَهُم نباهة ويقظة الأول لِابْنِ سهل عَن مَالك قَائِلا: شاهدت الْقَضَاء بِهِ اه. وَكَيْفِيَّة وَثِيقَة ذَلِك أَن تَقول: يشْهد الْوَاضِع شكله إثره بمعرفته لفُلَان وَمَعَهَا يشْهد بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ وعَلى ملكه مَالا من أَمْوَاله وملكاً خَالِصا من جملَة أملاكه جَمِيع كَذَا الْمَحْدُود بِكَذَا يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْمَالِك فِي ملكه وينسبه لنَفسِهِ، وَالنَّاس إِلَيْهِ من غير علم مُنَازع وَلَا معَارض مُدَّة من عشرَة أشهر أَو عشر سِنِين، وَلَا يعلمُونَ أَنَّهَا خرجت عَن ملكه إِلَى الْآن أَو إِلَى أَن تعدى عَلَيْهَا فلَان أَو إِلَى أَن غَابَ أَو إِلَى أَن توفّي وَتركهَا لمن أحَاط بميراثه الخ ... فَإِذا أَثْبَتَت هَذِه الْوَثِيقَة هَكَذَا وأعذر فِيهَا للمقوم عَلَيْهِ فَلم يجد مطعناً فَلَا إِشْكَال أَنَّهَا تدل دلَالَة ظنية على أَن الْملك لهَذَا الْقَائِم وَلَا تفِيد الْقطع لِأَن الشَّهَادَات من حَيْثُ هِيَ إِنَّمَا تفِيد غَلَبَة الظَّن فَقَط، وَهُوَ معنى قَوْلهم: إِنَّمَا تعْمل فِيمَا جهل أصل ملكه لِأَن أصل الْملك لمن هُوَ مَجْهُول عندنَا حَتَّى شهِدت بِهِ الْبَيِّنَة لهَذَا الْقَائِم، وَحِينَئِذٍ فَيقْضى لَهُ بِهِ حَيْثُ لَا مطْعن بعد أَن يسْأَل الْحَائِز أَولا هَل لَك حجَّة، وَلَعَلَّه يقر بِأَن الْملك للقائم وَأَنه دخل بكرَاء أَو عَارِية فَإِن قَالَ: حوزي وملكي وَبِيَدِي وَأثبت حِيَازَة ذَلِك عَنهُ عشر سِنِين فِي الْأُصُول أَو عَاميْنِ فِي غَيرهَا بالقيود الْمَذْكُورَة أَيْضا من الْيَد وَالنِّسْبَة وَدَعوى الْملك وَالتَّصَرُّف وَعدم المنازع الخ ... وَالْحَال أَن الْقَائِم حَاضر سَاكِت بِلَا مَانع الخ ... فقد سقط حق الْقَائِم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute