وَنَحْوهَا. (خَ) : وَندب إِعَارَة جِدَار لغرز خَشَبَة وإرفاق بِمَاء وَفتح بَاب ليمر عَلَيْهَا الخ ... وَهَذَا كُله حَيْثُ لم يكن على الْمرْفق بِالْكَسْرِ فِيهِ ضَرَر فَحِينَئِذٍ يتَعَلَّق النّدب بِهِ. وَقد حض عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الْجَار فَقَالَ: (لَا يمْنَع أحدكُم جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره) وَقَالَ: (الْجَار أَمِين على جَاره فَعَلَيهِ أَن يسد حجابه عَنهُ أَي عَلَيْهِ ويكف أَذَاهُ عَنهُ ويغض بَصَره عَنهُ وَإِن رأى عَورَة سترهَا أَو سَيِّئَة غفرها أَو حَسَنَة شكرها) وَقَالَ: (لَا يدْخل الْجنَّة من خَافَ جَاره بوائقه) . والحَدُّ فِي ذَلِكَ إنْ حُدَّ اقْتُفي وعُدَّ فِي إرْفَاقِهِ كالسَّلَفِ (وَالْحَد فِي ذَلِك) الإرفاق (إِن حد) بِزَمن كَسنة أَو عشر سِنِين أَو إِلَى الْأَبَد مثله (اقتفي) وَاتبع وَكَانَ لَازِما للمرفق لَيْسَ لَهُ الرُّجُوع قبله (و) إِن أطلق وَلم يُقيد بِأَجل (عد) الْمرْفق بِالْكَسْرِ (فِي اطلاقه كالسلف) يتسلفه الْإِنْسَان وَلَا يتعرضان لأَجله فَإِنَّهُ لَا بُد أَن يتْركهُ مُدَّة ينْتَفع بِهِ فِيهَا عَادَة أَمْثَاله، فَكَذَلِك هَذَا لَا بُد أَن يتْرك للمرفق بِالْفَتْح ينْتَفع بِهِ الْمدَّة الْجَارِيَة بَين الْجِيرَان عَادَة، وَظَاهره أَن الحكم هُوَ مَا ذكر سَوَاء كَانَ الإرفاق بالغرز أَو فتح بَاب أَو سقِِي مَاء وَغير ذَلِك كإعارة عَرصَة للْبِنَاء، وَالْمُعْتَمد أَنه فِي الغرز لَا رُجُوع بعد الْإِذْن طَال الزَّمَان أَو قصر عَاشَ أَو مَاتَ إِلَّا أَن ينهدم الْجِدَار فَلَا يُعِيد الغرز إِلَّا بإرفاق ثانٍ حَيْثُ علم أَن الْخَشَبَة وضعت أَولا بالإرفاق وإلَاّ فَلهُ ردهَا كَمَا كَانَت من غير إِذن قَالَه ابْن الرَّامِي. وَأما إِعَارَة الْعَرَصَة للْبِنَاء فالراجح أَن لَهُ الرُّجُوع حَيْثُ لم يقيدا بِأَجل وَلَو قبل أَن يمْضِي مَا يرفق ويعار لمثله فِي الْعَادة، وَلَكِن بعد أَن يدْفع مَا أنْفق أَو قِيمَته (خَ) : وَله أَن يرجع وفيهَا إِن دفع مَا أنْفق وَقِيمَته. وَقَالَ أَيْضا: وَله الْإِخْرَاج فِي كبناء إِن دفع مَا أنْفق، وفيهَا أَيْضا قِيمَته الخ. وَالْفرق بَين الْعَرَصَة والجدار أَن بعض أهل الْعلم يرى الْقَضَاء بإعارة الْجِدَار إِذا امْتنع ربه من إعارته للغرز وَلَيْسَ فِيهِ عَلَيْهِ ضَرَر، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَابْن كنَانَة وَابْن حَنْبَل، قَالَ الأبي: وَكَانَ الشَّيْخ يَعْنِي ابْن عَرَفَة يَقُول: لَيْسَ المُرَاد بالغرز الْمَنْدُوب إِلَيْهِ أَن يغرز ليبني فَوق ذَلِك لِأَن ذَلِك مَعْلُوم كَونه مضراً بالجدار، وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَن يغرز للتسقيف. تَنْبِيه: مَا تقدم من أَن لَهُ الْإِخْرَاج فِي الْعَرَصَة هُوَ مَذْهَب الْمُدَوَّنَة كَمَا رَأَيْته، وَجعل ابْن رشد وَابْن زرقون ذَلِك جَارِيا فِي الْجِدَار أَيْضا لِأَن كلا مِنْهُمَا هبة مَنْفَعَة، وَرجحه ابْن رحال فَقَالَ: قد تبين أَن الْمَذْهَب لَا فرق بَين الْجِدَار والعرصة فِي أَن لكل مِنْهُمَا الرُّجُوع حَيْثُ لم يقيدا بِأَجل بعد أَن يُعْطي كلا مِنْهُمَا مَا أنفقهُ المعار والمرتفق، وإلَاّ فَلَيْسَ لكل مِنْهُمَا الرُّجُوع إِلَّا بعد أَن يمْضِي مَا يرفق ويعار لَهُ بِحَسب الْعَادة اه بِاخْتِصَار. وَهُوَ مُخَالف لما تقدم من أَنه لَيْسَ لَهُ الْإِخْرَاج فِي الْجِدَار على الْمُعْتَمد فشدّ يدك على مَا تقدم للْفرق الْمُتَقَدّم وَلِأَن الْعَرَصَة لَا تضطر الْحَاجة إِلَيْهَا كاضطراره للغرز، وَلذَا قيل بِوُجُوبِهِ للأحاديث القوية فِيهِ والخاصة بِهِ وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute