دفع لرب الْحَائِط دَرَاهِم وَنَحْوهَا ليقيله فَإِنَّهُ يمْنَع أَيْضا، وَإِن وَقع رد لَهُ الْمَدْفُوع إِن عثر عَلَيْهِ قبل الْجذاذ وَرجع لمساقاته وَبعد الْجذاذ فَلهُ جزؤه من الثَّمَرَة كَامِلا وَعَلِيهِ أُجْرَة مَا عمل عَنهُ رب الْحَائِط فيهمَا، فَإِن فَاتَت الثَّمَرَة فَإِنَّهُ يرد مكيلتها إِن علمت أَو قيمتهَا إِن جهلت كَمَا قَالُوهُ فِي بيع الثنيا الْفَاسِد، وَقد كَانَ فِي الْأُصُول ثَمَر مَأْبُور وَقت البيع وكما قَالُوهُ أَيْضا فِي المغارسة الْفَاسِدَة، وَكَذَا يُقَال فِيمَا إِذا كَانَ الدَّافِع هُوَ رب الْحَائِط فَإِنَّهُ يرد إِلَيْهِ الْمَدْفُوع قبل الْجذاذ الخ.
(فصل فِي الاغتراس)
ابْن عَرَفَة: المغارسة جعل وإجازة وَذَات شركَة اه. فالجعل أَن يَقُول الرجل لآخر: اغترس لي هَذِه الأَرْض أصولاً كرماً أَو تيناً أَو مَا أشبه ذَلِك، وَلَك فِي كل شَجَرَة تنْبت أَو تثمر كَذَا، وَكَذَا قَالَه فِي الْمُتَيْطِيَّة، وسينبه النَّاظِم عَلَيْهِ آخر الْفَصْل. وَالْإِجَارَة أَن يَقُول: اغرس لي هَذِه الأَرْض كرماً أَو تيناً أَو مَا أشبه ذَلِك، وَلَك كَذَا دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو عرضا صفته كَذَا، فَهَذِهِ إِجَارَة محدودة بِالْعَمَلِ كخياطة الثَّوْب، وَلَا يجوز أَن يجمع فِيهَا بَين الْأَجَل وَالْعَمَل كَمَا تقدم فِي الْإِجَارَة، وَمحل جَوَازهَا جعَالَة أَو إِجَارَة إِذا كَانَت الغروس من عِنْد رب الأَرْض سمى لَهُ عدد مَا يغْرس أَو لم يسم لِأَن ذَلِك مَعْرُوف عِنْد النَّاس، وَإِن كَانَت الغروس من عِنْد الغارس فتمتنع حَيْثُ كَانَت للغروس قيمَة لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بيع وجعالة وهما لَا يَجْتَمِعَانِ، أَو بيع وَإِجَارَة وَيجْرِي حكمهَا على من واجر بِنَاء على أَن الْآجر والجص من عِنْد الْبناء، وفيهَا تَفْصِيل اُنْظُرْهُ فِي الْمُقدمَات والمتيطية، فالجعالة لَا شَيْء فِيهَا لِلْعَامِلِ إِلَّا بِتمَام عمله بنبات الشّجر أَو أثمارها على مَا شرطاه بِخِلَاف الْإِجَارَة فَإِنَّهُ يسْتَحق أجره على مُجَرّد عمله من غير زِيَادَة عَلَيْهِ، وَإِن لم يتمه فَلهُ بِحِسَاب مَا عمل. وَقَوله: أَو ذَات شركَة هَذَا الْقسم هُوَ الْمَقْصُود للناظم وَغَيره، وَأما مَا قبله فَهُوَ دَاخل فِي بَابي الْإِجَارَة والجعل، وَهِي أَن يُعْطي الرجل أرضه لآخر ليغرسها بِجُزْء مَعْلُوم مِنْهَا يسْتَحقّهُ بِالْإِطْعَامِ أَو بِانْقِضَاء الْأَجَل الَّذِي ضرباه على مَا يَأْتِي تَفْصِيله. قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّة: وَهَذَا الْقسم لَيْسَ بِإِجَارَة مُنْفَرِدَة وَلَا جعل مُنْفَرد، وَإِنَّمَا أَخذ شبها من الْإِجَارَة للزومه بِالْعقدِ يَعْنِي: وَجَوَاز تحديدها بالأجل كَمَا يَأْتِي وشبهاً من الْجعَالَة لِأَن الغارس لَا شَيْء لَهُ إِلَّا بعد نَبَات الْغَرْس وبلوغه الْحَد الْمُشْتَرط، فَإِن بَطل قبل ذَلِك لم يكن لَهُ شَيْء وَلَكِن من حَقه أَن يُعِيدهُ مرّة أُخْرَى. الاغْتِرَاسُ جَائِزٌ لِمَنْ فَعلْ مِمَّنْ لهُ البُقعَةُ أَوْ لَهُ العَمَلْ (الاغتراس) أَي العقد على غرس الأَرْض أصولاً كرماً أَو تيناً أَو نَحْوهمَا مِمَّا يطول مكثه سِنِين كقطن وزعفران فِي بعض الْأَرْضين لَا مَا لَا يطول مكثه كزرع وبقل، فَلَا يجوز فِيهِ (جَائِز)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute