للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فصل فِي كِرَاء الأَرْض وَفِي الْجَائِحَة فِيهِ)

قَالَ فِي الْمُقدمَات: قد اخْتلف أهل الْعلم فِي جَوَاز كِرَاء الأَرْض اخْتِلَافا كثيرا فَقيل: لَا يجوز كراؤها أصلا بِذَهَب وَلَا فضَّة وَلَا بِشَيْء من الْأَشْيَاء لنَهْيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن كِرَاء الْمزَارِع، وَقيل: لَا يجوز كراؤها إِلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم خَاصَّة. وَقيل: يجوز بِكُل شَيْء إِذا كَانَ مَعْلُوما مَا عدا الطَّعَام، وَقيل: يجوز بِكُل شَيْء إِذا كَانَ مَعْلُوما وَلَو طَعَاما، وَإِنَّمَا لَا يجوز بالجزء مِمَّا يخرج مِنْهَا لِأَنَّهُ غرر وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَهُوَ ظَاهر قَول مَالك فِي الْمُسَاقَاة من موطئِهِ، وَقيل: يجوز بِكُل شَيْء وَلَو طَعَاما وبالجزء مِمَّا يخرج مِنْهَا كَانَ طَعَاما أم لَا. وَبِه قَالَ اللَّيْث. وَأخذ بِهِ أَكثر الأندلسيين وَهِي إِحْدَى الْمسَائِل الَّتِي خالفوا فِيهَا مَالِكًا، وَقيل: وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَأكْثر أَصْحَابه أَنه يجوز كراؤها بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم وَالْعرُوض وَالثيَاب وَالْحَيَوَان مَا عدا كراءها بِالطَّعَامِ وَإِن لم تنبته كالسمن وَالزَّيْت وَبِمَا تنبته وَلَو غير طَعَام كالقطن والكتان اه بِاخْتِصَار. وَتَقْدِيم وَتَأْخِير وعَلى قَول مَالك وَأكْثر أَصْحَابه عول (خَ) ، إِذْ قَالَ عاطفاً على المتع مَا نَصه: وكراء الأَرْض بِطَعَام أَو بِمَا تنبته إِلَّا كخشب الخ. وَعَلِيهِ درج النَّاظِم أَيْضا فَقَالَ: والأرْضُ لَا تُكْرَى بِجُزْءِ تُخْرِجُهْ والفَسْخُ مَعْ كِرَاءٍ مِثْلِ مَخْرَجُهْ (وَالْأَرْض لَا تكرى بِجُزْء تخرجه) ككرائها لمن يحرثها زرعا أَو مقثأة أَو قطناً أَو كتاناً مثلا على أَن لِرَبِّهَا النّصْف أَو الرّبع من ذَلِك الَّذِي يخرج مِنْهَا (و) إِن وَقع ذَلِك وَنزل واطلع عَلَيْهِ قبل حرثها فالفسخ لَيْسَ إِلَّا وَإِن فَاتَت بحرثها فالزرع أَو المقثاة كُله للمكتري وَعَلِيهِ لِرَبِّهَا كِرَاء الْمثل عينا. هَذَا إِن اكتراها لسنة وَاحِدَة فَإِن اكتراها بِجُزْء مِمَّا تخرجه سِنِين واطلع على ذَلِك فِي أَثْنَائِهَا ف (الْفَسْخ) لباقي الأعوام (مَعَ كِرَاء مثل) عينا لماضيها (مخرجه) بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء أَي ذَلِك هُوَ وَجه الْخُرُوج مِنْهُ، وَبِهَذَا التَّقْرِير يَنْتَفِي مَا يُقَال أَن الْفَسْخ لَا يُجَامع كِرَاء الْمثل كَمَا هُوَ ظَاهره إِذْ كِرَاء الْمثل إِنَّمَا يجب مَعَ الْفَوات لَا مَعَ الْفَسْخ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامه إِذْ الْفَسْخ إِنَّمَا يجب قبل الْفَوات. وَلَا بِما تنبُتُهُ غَيْرَ الخَشَبْ مِنْ غَيْرِ مَزْروعٍ بِها أوِ الْقَصَبْ (وَلَا) تكرى أَيْضا (بِمَا تنبته) وَلَو غير طَعَام كقطن وكتان وقصب وتبن وعصفر وزعفران أَي مِمَّا شَأْنه أَن ينْبت فِيهَا وَلَو لم يصلح لزراعته فِي هَذِه الأَرْض المكتراة فَإِنَّهُ لَا يجوز كراؤها بِهِ (غير الْخشب) بِفتْحَتَيْنِ مُسْتَثْنى من عُمُوم مَا أَي: فَيجوز كراؤها بِهِ وَلَو كَانَت تنبته وَمثله الْعود

<<  <  ج: ص:  >  >>