للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي شرح الْعَمَل الْمَذْكُور أَن بعض قُضَاة فاس أفتى بِوُجُوب الحكم بالبشارة مُطلقًا مُرَاعَاة للْمصَالح الْعَامَّة وخوفاً من ضيَاع أَمْوَال الْمُسلمين بكتمان الضوال والمسروق. قَالَ: وَقد نَص الْعلمَاء على أَن الْفَتْوَى دَائِرَة على مُقْتَضى الْحَال وَحَيْثُ أخذت الْبشَارَة من الْمَسْرُوق لَهُ، فَإِنَّهُ يرجع بهَا على السَّارِق لِأَنَّهُ ظَالِم تسبب فِي إغرام رب الْبشَارَة. قلت: وَهَذِه الْفَتْوَى جَارِيَة على مَا تقدم عَن ابْن سراج وَغَيره من رعي الْمصَالح وعَلى مقتضاها عَامَّة الْمُسلمين الْيَوْم فَلَا يَسْتَطِيع أَن يردهم عَن كتمان الضوال راد إِن لم يَأْخُذُوا الْبشَارَة وَالله أعلم. (وَلَا يحد بِزَمَان لَاحق) أَي لَا يجوز أَن يُؤَجل عمل الْجعل بِأَجل وَلَا يقدر بِزَمن كَيَوْم أَو عشرَة مثلا لِأَنَّهُ قد يَنْقَضِي الْأَجَل قبل تَمام الْعَمَل، فَيذْهب سَعْيه بَاطِلا. (خَ) : بِلَا تَقْدِير زمن إِلَّا بِشَرْط ترك مَتى شَاءَ فَيجوز حِينَئِذٍ ضرب الْأَجَل فِيهِ كَمَا مر، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعَ عدم الشَّرْط دخل على التَّمام فقوى الْغرَر بِسَبَب ذَلِك مَعَ ضرب الْأَجَل، بِخِلَاف مَا إِذا شَرط التّرْك مَتى شَاءَ مَعَ الْأَجَل فقد دخلا على التَّخْيِير فخف بذلك الْغرَر وَسكت النَّاظِم عَن شَرط النَّقْد فِيهِ وَهُوَ مَمْنُوع لتردد المنقود بَين السلفية والثمنية لَا إِن نقد تَطَوّعا فَيجوز، وَهل على اخْتِلَافهمَا فِي قدر الْجعل وَحكمه أَنه كالصانع، فَإِن كَانَ الْآبِق مثلا محوزاً بِيَدِهِ وأشبه قَوْله، فَالْقَوْل لَهُ أشبه الْجَاعِل أم لَا، وإلَاّ صدق الْجَاعِل إِن أشبه وَإِلَّا تحَالفا وَكَانَ لَهُ جعل مثله.

(فصل فِي الْمُسَاقَاة)

مفاعلة من السَّقْي وَأَصله مساقية تحركت الْيَاء وَانْفَتح مَا قبلهَا فقلبت ألفا فتكتب بِالْهَاءِ وتنصب الفتحة لِأَنَّهَا مُفْردَة ولفظها مفاعلة، أما من الْوَاحِد وَهُوَ قَلِيل كسافر وَعَافَاهُ الله أَو يُلَاحظ فِيهَا العقد وَهُوَ مِنْهُمَا، فَيكون من التَّعْبِير بالمتعلق بِالْفَتْح وَهُوَ الْمُسَاقَاة عَن الْمُتَعَلّق بِالْكَسْرِ وَهُوَ العقد وَهِي رخصَة مُسْتَثْنَاة من كِرَاء الأَرْض بِمَا يخرج مِنْهَا، وَذَلِكَ فِي بعض صورها كالبياض الَّذِي بَين الْأَشْجَار يعْمل فِيهِ الْعَامِل بِجُزْء من زرعه وَمن بيع الثَّمَرَة وَالْإِجَارَة بهَا قبل طيبها وَقبل وجودهَا، وَمن الْإِجَارَة المجهولة وَمن بيع الْغرَر قَالَه عِيَاض. قَالَ فِي الْكَافِي: وَمعنى الْمُسَاقَاة أَن يدْفع الرجل كرمه أَو حَائِط نخله أَو شَجَرَة تينه أَو زيتونه أَو سَائِر مثمر شَجَره لمن يَكْفِيهِ الْقيام بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من السَّقْي وَالْعَمَل على أَن مَا أطْعم الله من ثَمَرهَا يكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ أَو على جُزْء مَعْلُوم من الثَّمَرَة. ابْن عَرَفَة: هِيَ عقد على عمل مُؤنَة النَّبَات بِقدر لَا من غير غَلَّته لَا بِلَفْظ بيع أَو إِجَارَة أَو جعل فَيدْخل قَوْلهَا لَا بَأْس بالمساقاة على أَن كل الثَّمَرَة لِلْعَامِلِ ومساقاة البعل انْتهى. فَقَوله: بِقدر يَشْمَل مَا إِذا كَانَ الْقدر كل الثَّمَرَة أَو بَعْضهَا، وَلذَا قَالَ: فَيدْخل الخ. وَلَو عبر بِجُزْء لم يَشْمَل ذَلِك وَهُوَ عطف على مُقَدّر أَي يقدر من غَلَّته لَا من غير غَلَّته وَلَا تَنْعَقِد عَن ابْن الْقَاسِم إِلَّا بلفظها، وَعند سَحْنُون بِكُل مَا يدل عَلَيْهَا وَلَو بِلَفْظ الْإِجَارَة

<<  <  ج: ص:  >  >>