وَهُوَ مُقْتَضى تَعْرِيف ابْن عَرَفَة الْمُتَقَدّم، وَيُؤَيِّدهُ مَا تقدم صدر الْإِجَارَة من أَنه إِذا قَالَ لَهُ: بِعْتُك سُكْنى دَاري فَذَلِك غلط فِي اللَّفْظ وَهُوَ كِرَاء صَحِيح. وَقَالَ ابْن يُونُس حَسْبَمَا نَقله الْبُرْزُليّ وَغَيره فِي المغارسة مَا نَصه: وَلَا فرق بَين أساقيك وأواجرك وَلَا يضر قبح اللَّفْظ إِذا حسن الْعَمَل، وَلم يفرق ابْن الْقَاسِم بَينهمَا وَهُوَ أصوب انْتهى. فعلى هَذَا لِابْنِ الْقَاسِم قَولَانِ وَافق فِي أَحدهمَا قَول سَحْنُون، وَصَوَّبَهُ ابْن يُونُس كَمَا ترى وَذَلِكَ مِمَّا يرجح مَا عَلَيْهِ عمل النَّاس الْيَوْم من عقدهَا بِغَيْر لَفظهَا، وَإِن كَانَ (خَ) اقْتصر على الأول فَقَالَ: بساقيتك الخ. فَلَا يشوش بِهِ على النَّاس الْيَوْم وَالله أعلم. إنَّ المُسَاقَاةَ عَلَى المُخْتَارِ لَازِمْةٌ بالْعَقْدِ فِي الأَشْجَارِ (إِن الْمُسَاقَاة على) القَوْل (الْمُخْتَار) وَهُوَ مَذْهَب الْمُدَوَّنَة وَالْأَكْثَر (لَازِمَة بِالْعقدِ) وَإِن لم يشرع فِي الْعَمَل وَقيل إِنَّمَا تلْزم بِالشُّرُوعِ، وَقيل بالحوز كَمَا فِي ابْن عَرَفَة (فِي الْأَشْجَار) مُتَعَلق بالمساقاة أَو بتجوز مُقَدرا. وَالزرْعِ لَمْ يَيْبَسْ فَقَدْ تَحَقَّقَا قيلَ مَعَ العَجْزِ وقيلَ مُطْلَقَا (و) تجوز أَيْضا فِي (الزَّرْع) حَال كَونه (لم ييبس) أَي لم يطب، وَهَذَا الشَّرْط لَا يخْتَص بالزرع بل هُوَ شَرط حَتَّى فِي ثَمَر الْأَشْجَار وَمثل الزَّرْع المقثاة والباذنجان والقرع والبصل والقصب واللفت والجزر. وَلما كَانَت هَذِه الْأُمُور مُلْحقَة بالثمار لِأَن السّنة إِنَّمَا وَردت بالمساقاة فِيهَا خَاصَّة اشْترط الإِمَام لجَوَاز الْمُسَاقَاة فِي هَذِه الْأُمُور شُرُوطًا. أَحدهَا: عدم الطّيب وَهُوَ لَا يخْتَص بالزرع والملحق بِهِ كَمَا مر، وَثَانِيها: أَن تبرز من الأَرْض وتستقل لتصير مشابهة للشجر وَهُوَ معنى قَوْله: (وَقد تحققا) أَي: وَالْحَال أَنه قد تحقق كَونه زرعا بِأَن بزر من الأَرْض واستقل فَلَا تصح الْمُسَاقَاة فِيهَا قبل ذَلِك، وَثَالِثهَا: أَن يعجز رَبهَا عَن الْقيام بعملها الَّذِي لَا تتمّ وَلَا تنمو إِلَّا بِهِ وَهُوَ معنى قَوْله: (قيل مَعَ الْعَجز) أَي إِنَّمَا تجوز الْمُسَاقَاة فِيهَا إِذا عجز عَن الْقيام بهَا بِخِلَاف ثمار الْأَشْجَار، فَإِنَّهَا تجوز الْمُسَاقَاة فِيهَا، وَإِن لم تبرز ثَمَرَتهَا وَإِن لم يعجز رَبهَا وَاشْتِرَاط الْعَجز فِي الزَّرْع، وَمَا ألحق بِهِ هُوَ الْمَشْهُور. ٦ (وَقيل مُطلقًا) وَهُوَ لِابْنِ نَافِع تجوز فِي الزَّرْع وَمَا ألحق بِهِ، وَإِن لم يعجز عَنهُ ربه وعَلى الأول اقْتصر (خَ) إِذْ قَالَ: كزرع وقصب ومقثاة إِن عجز ربه وَخيف مَوته وبرز وَلم يبد صَلَاحه. وَأَلْحَقُوا المقاثِي بالزَّرْعِ وَمَا كالْوَرْدِ وَالْقُطْنِ عَلَى مَا قُدِّمَا (وألحقوا المقاثي بالزرع) فِي الْجَوَاز بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَة كَمَا مر. (وَمَا) مُبْتَدأ (كالورد) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف صلَة (والقطن) مَعْطُوف عَلَيْهِ (على مَا قدما) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف خبر، وَالتَّقْدِير وَمَا ثَبت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute