للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وظرفه إِلَّا أَن يطحنه بِحَضْرَة صَاحبه أَو يكون كالحمال يضمن الطَّعَام لِأَنَّهُ مِمَّا جرت الْعَادة بِسُرْعَة الْأَيْدِي إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ صَاحب الْحمام جرت الْعَادة بِجِنَايَتِهِ على ثِيَاب النَّاس فيضمنها اه. وَقد علمت أَن الصَّوَاب هُوَ الضَّمَان فِي الْجَمِيع لما تقدم أَن كلا الْقَوْلَيْنِ مَعْمُول بِهِ، وترجح الضَّمَان بِمَا عللوا بِهِ من جري الْعَادة بِالْجِنَايَةِ وَقد قَالَ اليزناسني فِي السمسار: أَن مَا قَالَه ابْن عبد الْبر من ضَمَانه هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يعْمل بِهِ فِي هَذِه الْأَزْمِنَة الَّتِي قل فِيهَا الصدْق عِنْد من يظنّ بِهِ فضلا عَن غَيره اه. وَهَذَا التَّعْلِيل جَار فِي جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ. وَحكي أَيْضا عَن عِيَاض أَن الحكم بن نصر حكم بسوسة بتضمين صَاحب الْحمام قَالَ القلشاني: عدل عَن الْمَشْهُور إِلَى الحكم بالشاذ مُرَاعَاة للْمصْلحَة الْعَامَّة الَّتِي شهد لَهَا الشَّرْع بِالِاعْتِبَارِ فَمنع من بيع الْحَاضِر للبادي وَمن بيع التلقي على القَوْل بِأَنَّهُ لحق المجلوب إِلَيْهِم اه. وَفِي هَذَا كُله كِفَايَة لمن اكْتفى. الثَّالِث: لَو قَالَ حارس الثِّيَاب أَو الفندق دفعت ثِيَابك أَو بهيمتك لمن شبهته بك أَو قَالَ: رَأَيْت من أَخذهَا وَتركته يَأْخُذهَا لظني أَنه أَنْت فَإِنَّهُ يضمن بِلَا خلاف، لِأَن غَايَته أَن يكون مفرطاً أَو مخطئاً وَالْخَطَأ والعمد فِي أَمْوَال النَّاس سَوَاء، والتفريط هُوَ أَن يفعل مَا لَا يَفْعَله النَّاس كَمَا فِي الْبُرْزُليّ وَهُوَ مُوجب للضَّمَان كَمَا تقدم.

(فصل فِي الْقَرْض وَهُوَ السّلف)

بِفَتْح الْقَاف وَقيل بِكَسْرِهَا، وَفِي الذَّخِيرَة هُوَ من أعظم الْمَعْرُوف وَأجل الْقرب وَأَصله النّدب وَقد يجب فِي مسغبة وَنَحْوهَا. وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (قرض مرَّتَيْنِ يعدل صَدَقَة مرّة) خرَّجه الْبَزَّار وَصَححهُ عبد الْحق، وَرُوِيَ أَن دِرْهَم الْقَرْض بِثمَانِيَة عشرَة وَدِرْهَم الصَّدَقَة بِعشْرَة كَذَا رَآهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكْتُوبًا على بَاب الْجنَّة لَيْلَة الْإِسْرَاء، وَسَأَلَ جِبْرِيل: (مَا بَال الْقَرْض أفضل من الصَّدَقَة) فَقَالَ: إِن السَّائِل يسْأَل وَعِنْده كِفَايَة، والمقترض لَا يقترض إِلَّا لحَاجَة، وَهَذَا يُعَارض مَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث البرَاز من أَن الصَّدَقَة أفضل. وعرفه ابْن عَرَفَة بقوله: الْقَرْض دفع مُتَمَوّل فِي عوض غير مُخَالف لَهُ لَا عَاجلا تفضلاً فَقَط لَا يُوجب إِمْكَان عَارِية لَا تحل مُتَعَلقا بِذِمَّتِهِ اه. فَخرج بقوله مُتَمَوّل غير المتمول كَالْخمرِ وَالْخِنْزِير وَيدخل جلد الْميتَة المدبوغ، فَإِنَّهُ يجوز قرضه ليرد لَهُ مثله على الرَّاجِح لِأَنَّهُ مُتَمَوّل، وَأما جلد الْأُضْحِية فَلَا يجوز قرضه لِأَنَّهُ بيع لَهُ، وَبِقَوْلِهِ فِي عوض دَفعه هبة، وَبِقَوْلِهِ غير مُخَالف لَهُ البيع، وَقَوله لَا عَاجلا عطف على مُقَدّر أَي حَال كَونه مُؤَجّلا لَا عَاجلا أخرج بِهِ الْمُبَادلَة المثلية فَإِنَّهُ يصدق الْحَد عَلَيْهَا لَوْلَا الزِّيَادَة. وَبِقَوْلِهِ تفضلاً الخ. قصد نفع نَفسه أَو أَجْنَبِي، وَبِقَوْلِهِ لَا يُوجب الخ قرض الْجَارِيَة، وَبِقَوْلِهِ مُتَعَلقا بِذِمَّتِهِ الخ. نَحْو دفع شَاة فِي أُخْرَى بِعَينهَا لأجل ثمَّ قَالَ: وَلَو قُلْنَا مماثل بدل غير مُخَالف لم يَشْمَل إِلَّا مَا شَرط فِيهِ الْمثل لِامْتِنَاع مماثلة الشَّيْء نَفسه اه. وَاعْترض بِأَنَّهُ جعل جنسه الدّفع مَعَ أَن الْقَرْض يُوجد وَيلْزم بِلَا دفع لِأَنَّهُ يلْزم بالْقَوْل وَقد يُجَاب بِأَن الْمَعْنى عقد على دفع مُتَمَوّل الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>